النصارى ، فنقول إنه عبد آدمي خلقه الله تعالى ، في بطن مريم عليهاالسلام ، من غير ذكر.
وأما جمهور اليهود فيقولون إنه لغير رشدة (١) حاشا له من ذلك ، بل إن طائفة قليلة من اليهود يقولون إنه ابن يوسف النجار ، وما نرى متّى إلا شاهدا لقولهم ومحققا له. وإلا فكيف يبدأ بأنه يذكر نسب المسيح إلى داود ثم لا يذكر إلا يوسف النجار إلى داود ..؟ ولو أنه ذكر نسبة أمه مريم لكان لقوله مخرج ظاهر ، لكنه لم يذكر نسب مريم أصلا ، ثم لم يستح النذل من أن يحقق ما ابتدأ به ، فبعد أن أتم نسب يوسف النجار قال : من الرحلة إلى المسيح أربعة عشر أبا ، فجميع المواليد من إبراهيم إلى المسيح اثنان وأربعون مولودا ، فأكّد هذا الملعون كذبه وأن المسيح ولد يوسف ، لا بد ضرورة من أحدهما ، وإلا فكيف يكون من الرحلة إلى المسيح أربعة عشر أبا والمسيح ليس هو ابنا لأحدهم ، ولا هم آباء له؟ وكيف يكون من إبراهيم إلى المسيح اثنان وأربعون مولودا ولا مدخل للمسيح في تلك الولادات إلا كمدخله في ولادات أهل الهند وأهل الصين وأهل ططفة وسقر وسقرال ولا فرق؟
هذه فضائح الدهر وما لا يأتي به إلا أفحش البرية. ونعوذ بالله من الخذلان. ثم كذب آخر وجهل زائد ، وهما قوله فمن إبراهيم إلى داود أربعة عشر أبا.
قال أبو محمد : هذا كذب إنما هم على ما ذكرنا ثلاثة عشر : إبراهيم وإسحاق ، ويعقوب ، ويهوذا ، وزارح ، وحصروم ، وآرام ، وعميناذاب ، ونجشون ، وأشلومون ، وبوعز ، وعوبيذ ، وأنشاي فهؤلاء ثلاثة عشر أبا ثم داود ، ولا يجوز البتة أن يعد داود في آباء نفسه ، فيجعل أبا لنفسه وهذه ملحنة. ثم قال : ومن داود إلى الرحلة أربعة عشر أبا ، وليس كذلك لأن يخنيا هو الراحل بنص قول متّى ، وأنه لم يولد على قوله صلثيال إلا بعد الرحلة ، فهم : أشلومون ورحبعام وأبيوب وأشا ، ويهوشافاظ ، وبهورام وأحزياهو ، ويوثام ، وأحاز ، وأجزياهو ، ومنشأ وآمون ويوشاهو ويخنيا.
وقد عدّ داود قبل فإن عدّه هاهنا فقد حققوا الكذب في الفصل الذي قبله ، وإن لم يعدوه هاهنا فقد كذبوا في هذا العدد الثاني ، أو جعلوا يخنيا أبا لنفسه وهذا هوس.
ثم قال : ومن الرحلة إلى المسيح أربعة عشر أبا ، وهذا فصل جمع كذبتين عظيمتين.
__________________
(١) الرشدة (بفتح الراء ، وتكسر) : يقال : هو ولد رشدة ولرشدة : صحيح النسب ، أو من نكاح صحيح (المعجم الوسيط : ص ٣٤٦).