وأمّا الطائفة الثانية : فهم قوم ابتدءوا الطلب بحديث النبي صلىاللهعليهوسلم ، فلم يزيدوا على طلب علوّ الإسناد ، وجمع الغرائب ، دون أن يهتمّوا بشيء مما كتبوا أو يعملوا به ، وإنما يحملونه حملا لا يزيدون على قراءته هذا دون تدبير معانيه ، ودون أن يعلموا أنهم المخاطبون به ، وأنه لم يأتي هملا ، ولا قاله رسول الله صلىاللهعليهوسلم عبثا ، بل أمرنا بالتفقه فيه والعمل به ، بل أكثر هذه الطائفة لا يعمل أكثرهم إلا ما جاء من طريق مقاتل بن سليمان (١) ، والضحاك بن مزاحم (٢) ، وتفسير الكلبي (٣) ، وتلك الطبقة ، وكتب البدي التي إنما هي خرافات موضوعة ، وأكذوبات مفتعلة ، ولّدها الزنادقة تدليسا على الإسلام وأهله ، فأطلقت هذه الطائفة كل اختلاط لا يصح : من أن الأرض على حوت ، والحوت على قرن ثور ، والثور على صخرة ، والصخرة على عاتق ملك ، والملك على الظّلة ، والظلة على ما لا يعلمه إلّا الله عزوجل.
وهذا يوجب أنّ جرم العالم غير متناه ، وهذا هو الكفر بعينه ، فنافرت هذه الطائفة التي ذكرنا كل برهان ، ولم يكن عندها أكثر من قولهم نهينا عن الجدال!! فليت شعري من نهاهم عنه؟!. والله عزوجل يقول في كتابه المنزل على نبيّه المرسل صلىاللهعليهوسلم :
__________________
(١) مقاتل بن سليمان بن بشير أبو الحسن الأزدي الخراساني البلخي المروزي صاحب التفسير المتوفى سنة ١٠٥ ه. رمي بالتجسيم. أخرج له أبو داود في المسائل. وهو من الطبقة السابقة من التابعين. انظر ترجمته في تهذيب التهذيب (١٠ / ٢٧٩) وتقريب التهذيب (٢ / ٢٧٢) وخلاصة تهذيب الكمال (٣ / ٥٣) وتاريخ البخاري الكبير (١٨ / ١٤) وتاريخ البخاري الصغير (٢ / ٢٣٧) وميزان الاعتدال (٤ / ١٧٣) ولسان الميزان (٧ / ٣٩٧) والجرح والتعديل (٨ / ١٦٣٠) وسير أعلام النبلاء (٧ / ٢٠١) وتاريخ بغداد (١٣ / ١٦٠) وديوان الإسلام (ترجمة ١٨١٦).
(٢) الضحاك بن مزاحم أبو القاسم ، ويقال أبو محمد الهلالي الخراساني البلخي المتوفى سنة ١٠٥ أو ١٠٦ ه. تابعي من الطبقة الخامسة ، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. صدوق كثير الإرسال. انظر ترجمته في تهذيب التهذيب (٤ / ٤٥٣) وتقريب التهذيب (١ / ٣٧٣) وخلاصة تهذيب الكمال (٢ / ٥) والكاشف (٢ / ٣٦) وتاريخ البخاري الكبير (٤ / ٢٣٢) وتاريخ البخاري الصغير (١ / ٢٤٣) والجرح والتعديل (٤ / ٢٠٢٤) وسير أعلام النبلاء (٤ / ٥٩٨) وميزان الاعتدال (٢ / ٣٢٥) ولسان الميزان (٧ / ٢٤٩) والوافي بالوفيات (٦ / ٣٦٩ ، ٧ / ٣٧٢).
(٣) هو أبو النضر محمد بن السائب بن بشر الكلبي المفسر النسّابة المتوفى سنة ١٤٦ ه. متهم بالكذب ورمي بالرفض. انظر ترجمته في تهذيب التهذيب (٩ / ١٧٨) وتقريب التهذيب (٢ / ١٦٣) وخلاصة تهذب الكمال (٢ / ٤٠٥) والكاشف (٣ / ٤٦) وتاريخ البخاري الكبير (١ / ١٠١) وتاريخ البخاري الصغير (٢ / ٥١) والجرح والتعديل (٧ / ١٤٧٨) وميزان الاعتدال (٣ / ٥٥٦) ولسان الميزان (٧ / ٣٥٩) وسير أعلام النبلاء (٦ / ٤٨) وتاريخ الإسلام (٦ / ١١٨) والوافي بالوفيات (٣ / ٨٣) وتراجم الأحبار (٣ / ٣٠٥ ، ٤ / ١٠١).