أو المشروط على شرطه ، بل ربما لا يكون الغرض من العلم إلّا نفس المعرفة وكمال النّفس ، كما في التاريخ ونحوه ، ولا يستلزم ذلك كون البحث عنه سفهيا كما هو ظاهر.
وثانيا : ان البرهان على فرض صحّته إنّما يصحّ فيما إذا كان الصادر واحدا شخصيا ، وأما الواحد النوعيّ فمن البديهي أنه يصدر كل فرد منه من علّة مستقلة ليس بينها جامع في العلية ، كالحرارة الناشئة من النار تارة ومن الشمس أو الغضب أو الحركة أخرى.
وقد ذكرنا في بحث التجزّي (١) من الاجتهاد انّ القدرة على استنباط كل حكم ملكة مباينة مع القدرة على استنباط حكم آخر ، فليس هناك غرض واحد يستكشف من وحدته وجود موضوع جامع بين موضوعات المسائل.
وثالثا : لو سلمنا انّ هناك غرضا واحدا شخصيا ، فمع ذلك نقول : انه انّما يلزم الإشكال فيما لو كان ذاك الغرض الواحد الشخصي مترتبا على كل واحد من المسائل مستقلا ، وامّا إذا فرضنا انّ العلّة لتحقّقه مجموع المسائل من حيث المجموع ، كالمصلحة في الصلاة المترتبة على مجموع أجزائها التي لا يعقل وجود الجامع بينها ، فلا يلزم عندئذ من عدم وجود الجامع بين موضوعات المسائل محذورا أصلا ، لأنّ المجموع سوف يكون علّة واحدة وكل واحد منها يكون جزء العلّة.
ورابعا : انّ المسائل بوجوداتها الواقعة في الوعاء المناسب لها لا تكون علّة لحصول الغرض ، وإلّا لزم أن يكون كل أحد قادرا على حفظ اللسان عن الخطأ ، أو على الاستنباط فعلا.
وبعبارة أخرى : لزم ان يكون الغرض من كل علم حاصلا لكل أحد ، ويكون كل شخص عالما بكل علم ، فالعلّة انما هي معرفة المسائل والعلم بها ،
__________________
(١) التنقيح في شرح العروة الوثقى ـ الاجتهاد والتقليد ـ ص ٣٣.