فلا بدّ من تصوير الجامع بين افراد العلم ، ولو لا ذلك كان لا بدّ من تصوير الجامع بين محمولات المسائل والنسب أيضا لا خصوص موضوعاتها ، وذلك واضح.
وخامسا : إنّا نرى بالوجدان استحالة تصوير الجامع بين موضوعات مسائل كثير من العلوم.
فمثلا في علم الفقه ربّما يبحث عن الأمر العدمي ، وأخرى عن الوجوديّ ، وعن الجواهر تارة ، وعن الاعراض الحقيقية الداخلة تحت المقولات التسع العرفية أخرى ، وعن الأمور الاعتبارية كالغصب مثلا ثالثة ، ومن الواضح انه لا جامع بين شيء من هذه الأمور.
فما ذكره بعض من انّ موضوع الفقه هو فعل المكلّف خطأ ظاهر ، إذ البحث عن طهارة كثير من الجواهر كالمياه وغيرها ، ومبحث الإرث والضمان من مباحث الفقه ومسائله مع انّ الموضوع فيها ليس فعل المكلّف كما لا يخفى.
وبالجملة فلا وجه للزوم وجود الموضوع للعلم أصلا.
وبهذا ظهر انه لا وجه لما قيل من انّ تمايز العلوم انما يكون بتمايز موضوعاتها ، بل ربما يكون بذلك كما لو فرضنا انّ المدوّن أراد البحث عن تاريخ نبي أو وصي خاصّ مثلا ، وربما يكون بتمايز المحمول ووحدته كما لو فرضنا انه أريد البحث عن المتحرك مثلا ، فانه يبحث حينئذ عن الأين والمتى والكيف وغيرها مما هو معروض الحركة ، فالموضوعات متغايرة إلّا انّ المحمول يكون واحدا فتميز هذا العلم يكون بوحدة المحمول ، وثالثة : يكون بالاعراض كما هو الغالب مثلا يأخذ المدوّن في نظره فائدة خاصة ، فيتعرض لكل مسألة يكون لها دخل في تلك الفائدة ، ولو لم يكن بينها جامع أصلا كما في علم الأصول والفقه ، فانّ غرض الأصولي انما هو البحث عن كل ما له دخل قريب في الاستنباط ، وغرض الفقيه البحث عن كل ما يكون مقربا إلى المولى ومبعدا عنه ، ولذا يبحث فيهما عن ذلك مع انه لا جامع بين