يكون اللفظ متصوّرا آليا في مقام الاستعمال ، بل يمكن ان يكون ملحوظا استقلالا كما في القصائد والخطب ، فإذا لوحظ مستقلا كما يمكن ان يجعل مبرزا لمعنى واحد يمكن ان يجعل مبرزا لمعنيين ، ولا يلزم منه المحذور المذكور.
ثم انه ذكر في الكفاية (١) ان في المقام روايات دالة على ان للقرآن سبعين بطنا أو سبعة أبطن ، واحتمل ان يكون المراد من ذلك ان جبرئيل عليهالسلام حين إنزال القرآن على قلب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد أمورا عديدة مستقلا لا من ألفاظ القرآن.
ونقول : بعد الفحص في البحار والوسائل لم نظفر على رواية واحدة تدل على ذلك ، وانما ورد في الأخبار ان للقرآن ظهرا وبطنا ، والمراد من الظهر هو الظاهر وما يعرفه كل عارف بلغة العرب ، والمراد من البطن هو المستتر من المعنى ، وقد فسّر بطن القرآن في الأخبار بوجهين :
الأول : ان باطن القرآن عظة ، أي ان ظاهره وان كان قصة وتاريخا ، ولكن ليس القرآن كتاب تاريخي وانما ذكر فيه القصص لكي يتعظ به الناس.
الثاني : ان القرآن يجري كجري الشمس والقمر ، وانه وان كانت الآية نازلة في مورد خاص إلّا انها تجري في غيره أيضا ممن يشاكله ، فله باطن بهذا المعنى.
ثم على تقدير تسليم ورود تلك الأخبار فلا معنى لأن يراد من البطون ما أراده جبرئيل عليهالسلام حين إنزاله على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فان بطن الشيء لا بد وان يكون له إضافة إلى الشيء ، ومجرد إرادة جبرئيل امرا أجنبيا عن الآية حين إنزالها لا يصحّح إطلاق بطن الآية على ما أراده.
والّذي يمكن ان يراد منها هو مداليلها الالتزامية ، وليس المراد من السبعة أو السبعين خصوص هذا العدد بلا زيادة ونقيصة ، فان السبعة والسبعين يستعملان
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٥٧.