مثلا.
وثالثا : ان الخالق والرازق ونحوه من صفات الفعل تطلق على الباري تعالى ، ويستحيل اتحاد الخلق والخالق والرزق والرازق ، ومضافا إلى جميع ذلك انّ لحاظ العرض لا بشرط أو بشرط لا مما لا يفهمه إلّا الفيلسوف ، فلا يمكن ان يكون ذلك معنى المشتق ، وهذا ظاهر.
والحاصل : انّ ما فهمه في الفصول (١) من كلام المحقق الدواني وغيره ممن ذهب إلى اتحاد المبدأ والمشتق وانّ اختلافهما باللابشرطية والبشرط اللائية هو الاعتبارية منهما ، وانّ موردهما ماهية واحدة ، ولذا أشكل عليهم بأنّ لحاظ العلم لا بشرط لا يوجب اتحاده مع الذات الّذي هو مصداق للعالم.
وأورد عليه في الكفاية (٢) بما حاصله : ان مرادهم من اللابشرطية والبشرط اللائية هو الذاتيّة منهما ، فانّ المشتق بمفهومه غير آب عن الحمل لاتحاده مع الذات بخلاف المبدأ فانه بنفسه عاص عن ذلك ، واستشهد لذلك بما ذكروه في الفرق بين الجنس والمادة ، والفصل والصورة.
ونقول : ما فهمه صاحب الفصول هو الصحيح لتصريحهم بذلك كما يظهر من عبارة الدواني من انّ العرض من أطوار موضوعه ومن شئونه وأنحائه فكيف يعقل أن يكون مباينا له ، وأصرح من ذلك ما ذكروه في الفرق بين الجنس والمادة ، والفصل والصورة.
بيان ذلك : انّ كل ماهية تكون مركبة من جهة مشتركة بينها وبين الماهية الأخرى أو الماهيات الأخر وجهة مميزة لها عن غيرها ، ويعبر عن الأولى بالمادة
__________________
(١) الفصول ـ ص ٦٢.
(٢) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٨٣.