تارة وبالجنس أخرى ، وعن الثانية بالصورة أو الفصل ، والمراد من المادّة هو القوّة والاستعداد ومن الصورة فعلية تلك القوة ، فالفعلية لا معنى لها بدون القوّة ، كما ان تحقق القوة أيضا متوقّفة على الفعلية ، والدليل على تحقق كلا الأمرين ما يرى وجدانا من بقاء المادة مع تبدل صورها النوعية كالخشب رمادا ، مثلا النواة جماد ولكن فيها قوة الترقي إلى الشجرية أو الخشبية أو غير ذلك ، وذلك الاستعداد هو المادة وتحققه يكون بالفعلية كما لا يخفى.
وقد وقع الخلاف بينهم في انّ التركيب بينهما هل يكون اتحاديا بحيث تكون الماهية ماهية واحدة ووجود فارد والعقل يحللها إلى الأمرين ، أو انضماميا كالتراكيب الخارجية؟
وذهب المير الداماد إلى الثاني ، وجملة من المحققين إلى الأول ، وانّ الوجود الواحد يسري من الفعلية إلى القوة ، فكأنه أقرب إلى الوجود منها.
وقد استدل عليه بعضهم بأنه لو كان التركيب انضماميا ننقل الكلام إلى كل من الصورة والمادة ، فيلزم التسلسل.
ثم انّ كلّا من الاستعداد والفعلية ان لوحظ لا بشرط عن الآخر فيعبر عن الأول بالجنس ، وعن الثاني بالفصل ، ويحمل كل منهما على الآخر ، وعلى المجموع المركب منهما فيقال : «الناطق حيوان» وبالعكس أو «الإنسان حيوان» أو ناطق للاتحاد بينها ، وأما ان لوحظ بشرط لا عن الآخر فيعبر عن الأول حينئذ بالهيولى ، وعن الثاني بالصورة كالبدن والنّفس في الإنسان ، فيستحيل حينئذ حمل كل منهما على الآخر أو على المجموع وليس هناك جهتان مشتركتان متباينتان ذاتا يعبّر عن إحداهما بالجنس وعن الأخرى بالمادة ، وهكذا في الجهة المميّزة كما هو واضح.
إذا عرفت هذا ، فالأمر في المشتق ومبدئه أيضا كذلك على زعمهم ، فلا وجه لحمل كلامهم على الاختلاف الذاتي بينهما أصلا ، فاذن يرد عليهم ما أورده صاحب