مسامحة ، حيث تكون عوارضها ومحمولاتها عوارض عرفيّة لموضوع العلم ، مع انهم تسالموا على انّ العارض بواسطة أمر خارج أخص يكون من العوارض الغريبة ، فكيف يجمع ذلك مع اتفاقهم على انّ البحث في العلم لا بدّ وان يكون عن العوارض الذاتيّة لموضوعه؟! هذا ما يقع في أغلب العلوم.
واما في خصوص علم الأصول فالأمر بالعكس ، لأنّ عروض محمولاته على موضوعه يكون بواسطة امر داخلي أعم فانّ موضوع علم الأصول هو الأدلة ، وموضوعات مسائله هي الأمر والنهي ونحو ذلك ، ومن الواضح انها أعم منها ، ونسبتها إلى الدليل نسبة الجنس إلى النوع.
وعليه ، فان قلنا : بأنّ العارض بواسطة الأمر الداخل الأعم يكون ذاتيا انتفى الإشكال بلحاظ هذا العلم ، وإلّا فتجري فيه أيضا هذه الشبهة كما في غيره من العلوم ، فيكون الكل من واد واحد.
وقد ذهب الأصحاب في الجواب عنها يمينا وشمالا ، ولم يأت أحد منهم بما يشفي الغليل أصلا فانه بعد اتفاقهم على انه لا بدّ وان تكون محمولات المسائل عوارض ذاتيّة لموضوع العلم ، واتفاقهم على انّ العارض بواسطة امر خارج أخص من العوارض الغريبة وقعوا في الإشكال ، فانّ محمولات المسائل في غالب العلوم انما تعرض لموضوعها بواسطة امر خارج أخص إلّا ما شذّ وندر.
وقد أجيب عنه بوجوه ، نقتصر على ذكر واحد منها وهو ما أفاده المحقّق النائيني ، ولا يبعد ان يكون أحسنها.
وحاصل ما أفاد (١) : انّ الإشكال انما كان واردا لو كان الموضوع في العلوم غير مقيّد بالحيثيّة ، كما لو قلنا انّ الموضوع في النحو والصرف نفس الكلمة والكلام ،
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأوّل ـ ص ٥.