الثاني : ما ذكره من انتهاء الإرادة إلى الذات ، والذاتي لا يعلل ، فانّ الله تعالى ما جعل المشمش مشمشا ، بل أوجده ، فانه لا معنى لأن تكون الإرادة جنسا ولا فصلا للإنسان ، وقد وجّه كلامه بعض أعاظم تلاميذه بذكر مقدّمة ، وهي : انّ الاعراض ، تارة : تكون من أعراض الماهيّة ، وأخرى : من أعراض الوجود ، وعلى الثاني أما تكون دائمة ، واما تكون مفارقة ، وجعل العرض اللازم مطلقا يكون بتبع جعل معروضه وليس له جعل مستقل ، بخلاف العرض المفارق فانه مجعول بجعل مستقل ، ثم طبق ذلك على المقام وذكر انّ الاختيار من عوارض الإنسان الغير المفارقة بخلاف العلم والشوق ، فالاختيار غير مجعول في الإنسان مستقلا بخلاف العلم ، والفعل المتوقف على هاتين المقدّمتين من حيث دخل العلم المجعول من الله تعالى فيه يكون مستندا إليه ، ومن حيث توقّفه على الاختيار الّذي ليس بمجعول مستقلا يستند إلى الفاعل ، وهذا معنى الأمر بين أمرين ، انتهى.
وهو غير تام صغرى وكبرى وتطبيقا.
أما كبرى فلأنّ تقسيم العارض بمعنى اللاحق ، لا الانتزاع إلى عارض الماهية والوجود وان كان من الفلاسفة إلّا انه غير تام ، فانّ الماهيّة ليست بشيء أصلا ، فهي ليست حرف فكيف يمكن ان يلحقها أمر آخر ، بل العرض دائما يعرض الوجود ، غايته تارة : يعرض كلا الوجودين الخارجي والذهني كالزوجيّة للأربعة مثلا ، ويسمى بلازم الماهية أيضا ، وأخرى : يعرض أحد الوجودين دون الآخر كالمعقولات الثانوية والحرارة للنار.
وأما ما ذكره من انّ العرض اللازم يكون مجعولا بجعل المعروض.
ففيه : انه لا ريب في تغاير العارض والمعروض وتعددهما خارجا وان كلّا منهما موجود له وجود خاص به ، وحيث انّ الإيجاد والوجود متّحدان ذاتا واختلافهما يكون بالاعتبار ، فكل وجود إيجاد لو قيس إلى فاعله ، فلا محالة يكون