واما الثاني : فلو فرض ان الدليل قام على لزوم ان يكون موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة لكن نقول : لا دليل على صحّة التقسيم المتقدم وان العارض بواسطة أمر خارج أخص أو أعم من العوارض الغريبة بل هو عارض ذاتي.
فان الميزان في الذاتيّة والغرابة هو ما ذكره أهل الأدب من كون الإسناد حقيقيا أو مجازيا ، فإذا كان اسناد المحمول إلى الموضوع إسنادا إلى من هو له وكان المحمول وصفا له بحال نفسه ، فلا محالة يكون عرضا ذاتيا له ولو كان مع الواسطة ، وان كان وصفا له بحال متعلقه واسناده إليه إسنادا إلى غير من هو له فيكون غريبا.
فالميزان اذن هو صحة الإسناد ، ونحن نرى ان اسناد أوصاف الجنس إلى النوع وإلى الفرد يكون حقيقيّا. فالانقسام مثلا إلى الأبعاد الثلاثة يكون من لواحق الجسم ومع ذلك لو قلنا ان زيدا قابل للانقسام يكون ذلك إسنادا حقيقيّا ، وهكذا لو قلنا بان الإنسان متحرّك بالإرادة وحساس ، مع انهما من لواحق الجنس.
والسرّ فيه واضح ، فان الجنس متّحد مع الشخص والنوع وجودا فعوارضه تكون عارضة لهما أيضا حقيقة وبلا عناية ، وهكذا عوارض الفرد بالنسبة إلى النوع أو إلى الجنس ، فانها تكون عوارض ذاتية له ويكون إسنادها إليه حقيقيا ، والشاهد عليه ما نرى من صحّة هذه الاستعمالات العرفية بلا مسامحة ، فمثلا يقال : «أكلت الخبز» فيسند الأكل إلى الكلي مع ان المأكول ليس إلّا فردا خاصا منه ، ويقال : «اشتريت اللحم» مع ان المشتري ليس إلّا فردا خاصا ، ويقال «البشر نبي» مع ان النبي فرد منه ، وذلك لأن المهملة تكون في قوّة الجزئية وهي متّحدة مع الفرد خارجا.
ويحتمل ان يكون هذا هو مراد المحقق السبزواري مما ذكره في حاشية الأسفار