الإنسان المقيد بالقيام ، أو الغرفة المقيدة بالفوقية ، أو الدار المقيّدة بالملكيّة لا تكون بسيطة ولا انتزاعية مع تقيدها بالأمور الانتزاعية ، وهذا ظاهر.
ورابعا : سلّمنا انّ الأمر الانتزاعي والمقيّد به أعني موضوع العلم بسيط ، ولكن من الواضح انّ موضوعات المسائل لا تكون كذلك ، فالموضوع في قولك «كل فاعل مرفوع» هو عنوان الفاعل وهكذا في «كل مفعول منصوب» وكذلك الموضوع للوجوب هو عنوان الصلاتية وموضوع الحرمة هو الغيبة بهذا العنوان ، وموضوع الإباحة شرب الماء بهذا العنوان ، وليس الفعل الجامع بين هذه العناوين موضوعا لحكم أصلا ، ومن الواضح ان هذه العناوين عناوين متغايرة ، ولا يكفي في رفع الإشكال بساطة موضوع العلم مع تركب موضوعات المسائل وتغايرها ، فانها حينئذ لا محالة تكون أخص من موضوع العلم.
فالتحقيق في الجواب أن يقال : انّ الإشكال مبني على أمرين :
أحدهما : البحث في تعريف الموضوع بكونه ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة.
ثانيهما : الالتزام بكون العارض للشيء بواسطة أمر خارج أخص أو أعم يكون غريبا. وكلاهما محل منع.
أمّا الأول ـ فلأنّه لم يرد دليل على ذلك ، فبعد ما ذكرنا من انّ علميّة العلم وتمايزه كما يمكن ان يكون بموضوعه تارة وبمحموله أخرى ، كذلك يمكن ان يكون بغرض الباحث ، ولا مانع من البحث في العلم عن العوارض الغريبة لموضوعه إذا كانت دخيلة في غرض الباحث.
مثلا : لو فرض انّ موضوع العلم هو الميزاب وكان البحث عن اسناد الجريان إليه دخيلا في الغرض الّذي دوّن لأجله العلم يبحث فيه عن ذلك ولو كان عرضا غريبا لموضوع العلم ولم يذكروا لذلك الا مبعدات لا أساس لها أصلا.