الانتزاعي الا بوجود منشائه ، فلا محالة ترتفع أخصيّة موضوعات المسائل عن موضوع العلم من البين ، ولا تكون نسبة موضوع العلم إلى موضوعات مسائله نسبة الجنس إلى النوع ، فيندفع الإشكال.
وفيه : مع كونه امتن الوجوه المذكورة في المقام.
أولا : انّ الحيثيّة لا تكون قيدا للموضوع وانما هي جهة البحث ، والموضوع ذوات تلك العناوين ، مثلا يبحث عن الدار تارة من حيث مساحتها ، وأخرى من حيث قيمتها ، وثالثة من حيث طول جدرانها ، والموضوع في الجميع نفس الدار وحيثيّة البحث تختلف. وفي علم النحو مثلا يبحث عن الكلمة والكلام ، وحيثيّة البحث هي الإعراب والبناء لا الفصاحة والبلاغة ، وهكذا في الفقه وغيره.
وثانيا : لو سلّمنا انّ الحيثيّة تكون قيد الموضوع ولكن ان جعلنا المقيّد بالحيثيّة معرفا محضا لموضوعات المسائل وعنوانا مشيرا إليها ، ففي الحقيقة لا يكون ذلك جامعا بين موضوعات المسائل ، فمرجعه إلى إنكار موضوع العلم رأسا.
وان جعلناه جامعا حقيقيّا بان يكون كليا وتكون موضوعات المسائل افراده ومصاديقه لا معرفا محضا كما في جميع موارد الكلّي وافراده غاية الأمر إنه كلي انتزاعي لتقيده بأمر انتزاعي ، فيكون الإشكال حينئذ أشد ، وذلك لأنّ المحمولات حينئذ تكون عارضة له بواسطة أمر أخص ، فإذا كان العارض بواسطة النوع للجنس غريبا مع انّ الجنس متّحد مع النوع ذاتا وخارجا فبطريق أولى يكون العارض بواسطة النوع عرضا غريبا للعنوان الانتزاعي ، لأنّ اتحاده مع منشأ انتزاعه يكون أضعف من اتحاد الجنس مع النوع.
وثالثا : المقيّد بالأمر الانتزاعي لا يكون انتزاعيا ولا يثبت كل ما للقيد للمقيّد ، نعم خصوص امتناع القيد يسري إلى المقيد ، والمقيد بالممتنع يكون ممتنعا ، ولا يقاس عليه سائر الخصوصيّات كالبساطة والانتزاعيّة ، والشاهد عليه : انّ