وما لم يوجد البيت لا يكون وجوب حجّه فعليّا ، وما لم يتحقق البيع لا يكون النقل والانتقال فعليّا ، وهكذا ، ولا يتحقّق ذلك بفرض وجود الموضوع أصلا ، وهذا هو مراد الشيخ الرئيس من ان الموضوع في القضايا الحقيقية ما صدق عليه عنوانه بالفعل ، وتخلّف أحد المقامين عن الآخر لا بأس به على ما اخترناه من انّ حقيقة الوجوب ليس إلّا الاعتبار ، إذ لا مانع من اعتبار الدين بعد سنة على ذمة المكلّف.
ونظير ذلك باب الوصيّة ، فالموصي يوصي بماله لزيد بعد موته ، فيعتبر المال فعلا ملكا له بعد مماته وهكذا يأمر ابنه فعلا بدفنه في المحل الخاصّ بعد وفاته ، وسيأتي تفصيل الكلام فيه في بحث الواجب المشروط.
هذا كله في موضوع الحكم.
واما متعلقه فنفس متعلّق التكليف لا يعقل ان يجعل مفروض الوجود في مقام التكليف ، وكيف يمكن ذلك مع انه هو المطلوب إيجاده ، ومع فرض وجوده هل يكون طلبه إلّا من قبيل تحصيل الحاصل.
واما قيود المتعلّق فيمكن ان تجعل مفروضة الوجود ، كما في وجوب الوفاء بالنذر ، فانّ النذر بحسب التفاهم العرفي قد جعل مفروض التحقق في الأمر بالوفاء به ، ويمكن ان يتعلّق به الطلب أيضا كما في وجوب الصلاة مع الطهارة ، فانّ الطهارة أيضا واجبة التحصيل.
هذا إذا كان القيد اختياريا ، واما لو لم يكن اختياريا ، فدائما لا بدّ وان يكون مفروض الوجود في مقام إنشاء التكليف ، ولا بدّ وان يكون فعليّا عند فعليّة التكليف.
إذا عرفت هذه الكبرى الكلّية فنقول في تطبيقها على المقام : انه لو قيّد الواجب بقصد الأمر فنفس المأمور به كالصلاة مثلا مقدور للمكلّف ، والقصد أيضا بنفسه مقدور ، واما الأمر فهو غير مقدور له ، لأنه فعل المولى ، فلا بدّ في مقام