الإنشاء من فرض وجوده ثم الأمر بالعمل المقيد به ، وفي مرحلة الفعليّة انما يصير الأمر به فعليّا بعد فعليّة الأمر ، فيلزم تأخّر الشيء عن نفسه ، وهو محال.
وبما بيّناه ظهر انه لا مجال لما ذكره بعض الأساطين ردّا على كلام النائيني قدسسره ، من انّ التكليف انما يتوقّف على فرض وجود الموضوع لا وجوده الخارجي ، إذ عرفت انّ فرض الموضوع انما يكتفى به في مقام الإنشاء لا الفعليّة.
وفيه : انّ أخذ الموضوع والقيود المعتبرة فيه ، أو في المتعلّق مفروض الوجود في مقام الحكم وتوقّف فعليّته على فعليّتها انما يكون في موردين.
أحدهما : ان يكون الظهور اللفظي مقتضيا لذلك كما في موارد القضايا الشرطيّة ، فلو قال المولى «ان نمت فتوضّأ» فظاهره ثبوت التالي على تقدير تحقّق المقدّم.
ثانيهما : ان يكون البرهان العقلي قائما على ذلك بان يكون التكليف من دون ثبوت القيد تكليفا بما لا يطاق ، فانّ العقل حينئذ يحكم بكون ذلك القيد مفروض الوجود في مقام الحكم ، لقبح التكليف بغير المقدور ، كما لو أمر المولى بالصلاة إلى القبلة ، فانّ وجود القبلة لا بدّ وان يكون مفروض الوجود في ذلك ، وهكذا فيما لو أمر بالصلاة عند الزوال ، إذ المكلّف غير قادر على إيجاد القبلة أو إيجاد الزوال ، فلا محالة يكون التكليف مشروطا بتحقّقه.
وأما في غير ذلك فلا دليل على اعتبار كون الموضوع وقيوده مفروض الوجود وتأخر الحكم عنها أصلا ، ومن ثم فرقنا في مسألة اللباس المشكوك بين التكاليف الوجوبيّة والتحريميّة ، وذكرنا انّ التكليف التحريمي يمكن ان يكون فعليّا قبل فعليّة موضوعه ، مثلا لا تشرب الخمر فعلي وان لم يكن خمر في الخارج ، ولا يتوقّف فعليّة حرمته على ان يوجد خمر خارجا ، بل يكون شرب الخمر حراما قبل تحقّق الخمر من قبيل التكليف المعلّق ، فانّ الظهور العرفي يساعد على ذلك في