يقول هم ما أمروا بذلك وانما أمروا بان يعبدوا الله مخلصين ، فهي أجنبية عن ما نحن فيه.
الوجه الثالث : ممّا استدل به ما ورد من انّ الأعمال بالنيّات ، ولا عمل إلّا بنيّة ، فانّ ذلك بالحكومة يدل على انّ العمل الغير المشتمل على النيّة ـ أي القربة ـ ليس بعمل.
وفيه : أولا : ما تقدم من استلزامه التخصيص المستهجن.
وثانيا : انّ النيّة لغة انما هي بمعنى قصد الفعل ، فظاهر الروايات هو انّ روح العمل يكون بقصد الفاعل ، فانّ الفعل الصادر عن الفاعل لا يكون حسنا بالذات ، وليس الفعل كالعناوين مثل الظلم والعدل ليكون حسنا ذاتا أو قبيحا كذلك.
فربما يكون صدور الفعلين المتضادّين حسنا من شخصين باختلاف قصدهما ، كما لو فرضنا انّ أحدا رفع الحجر من الطريق لأن لا يعثر به أحد ، وأرجعه الآخر إلى مكانه بقصد ان يراه المحتاج ويأخذه إذا أراد ، فكلا الفعلين يكون حسنا.
فالمراد بهذه الأخبار هو انّ روح العمل هو القصد ، فإذا كان القصد حسنا فالفعل الصادر بذلك القصد يكون حسنا لأنّه من آثاره. وهكذا العكس ، فضرب اليتيم بقصد التأديب حسن كما انّ عين ذلك الضرب بقصد التشفي قبيح.
هذا على انه قد ورد ما يظهر منه تفسير هذه الأخبار في باب الجهاد من انّ المجاهد إذا قصد بخروجه وجه الله يكون أجره على الله ، وان خرج بقصد تحصيل المال فأجره هو المال ، وهذا معنى قوله عليهالسلام : «انما الأعمال بالنيّات».
فتحصل : انه لا دليل على أصالة التعبّدية في الواجبات ، بل مقتضى الإطلاق والأصل العملي هو التوصّلية على ما عرفت.