الإطلاق الواقعي محتملا كما في قوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(١) ، فانه نحتمل ان يكون مطلق البيع حلالا ونافذا ، واما إذا تيقنا بعدم الإطلاق في المراد الواقعي فلا أثر حينئذ للإطلاق اللفظي أصلا ، كما لو فرضنا انا نعلم بأنّ الإطلاق غير مراد في الآية وانما المراد منها اما خصوص البيع المشتمل على العقد العربي ، أو خصوص المشتمل على العقد الفارسي ، فلا يمكن التمسك بإطلاق الآية ، والمقام من هذا القبيل ، فانّ كلا من العدلين يكون قسيما للآخر ومقيدا بخصوصية مغايرة لما قيد به الأول ، مثلا الوجوب النفسيّ هو الوجوب الّذي لم يكن مترشحا من الغير ، وفي قباله الوجوب الغيري ما يكون مترشحا من وجوب شيء آخر ، كما انّ الوجوب التعييني ما تكون الخصوصية معتبرة في متعلقه ، بخلاف التخييري فانه الوجوب الّذي ليس لخصوصية متعلّقه دخل فيه ، وانما هو متعلّق بالجامع ، وهكذا الكلام في التعيني والكفائي.
وعليه فالمراد الواقعي لا بدّ وان يكون مقيدا بإحدى الخصوصيّتين ، ولا معنى حينئذ للإطلاق الإثباتي والتمسّك به.
هذا والجواب عن الشبهة هو : انا إذا أجرينا الإطلاق وتمسكنا به في نفس المشكوك لكان ما ذكر تاما ، إلّا انا انما نتمسك بالإطلاق في ملزوم مشكوكنا ثم نثبت لازمه وهو المشكوك أيضا بنحو الأصل المثبت فانّ الأصول اللفظية مثبتاتها حجة ، ويثبت بها لوازمها العقلية وملزوماتها أيضا إذا كانت متساوية.
بيان ذلك : هو انّ لازم عدم ترشح الوجوب من الغير هو لزوم الإتيان بالواجب على المكلف ، كان هناك وجوب آخر أم لم يكن ، كما انّ لازم الوجوب التعييني هو لزوم الإتيان لمتعلّقه على المكلف ، أتى بشيء آخر أم لم يأت ، ولازم
__________________
(١) البقرة ـ ٢٧٥.