وأخرى : يستند في مقام الفتيا إلى أصل لفظي ، كأصالة العموم بعد الفحص عن المخصص وعدم الظفر به ، أو أصل عملي ، ثم عثر على المخصص بعد ذلك ، أو قامت عنده أمارة على خلاف مؤدى الأصل العملي ، وفي مثل ذلك وان كان الامتثال ثابتا بحكم الشارع حدوثا لثبوت الحكم الظاهري واقعا ما دام الجهل موجودا ولذا لا تعقل الشبهة المصداقية في الأحكام الظاهرية بخلاف الحكم الواقعي ، إلّا انّ ذلك يرتفع بقاء بانكشاف الخلاف على ما بيّناه ، فتجب الإعادة ان كان في الوقت ، والقضاء ان كان في خارج الوقت.
وان شئت فقل : تبدل رأى الفقيه يكون على أقسام ثلاثة :
الأول : ان يكون فتواه الأولى ناشئة من تطبيقه الكبرى على الصغرى باعتقاده انها من افرادها ، مثلا اعتقد كون اللفظ الخاصّ ظاهرا في المعنى المخصوص ، كما كان أكثر العلماء فيما تقدم يعتقدون ظهور كلمة «ما» الموصولة في العموم ، أو اعتقد قيام حجة على حكم ، أو كون راوي الحديث الكذائي هو «أبو بصير» الثقة ، ثم بعد العمل على طبق قطعه انكشف له الخلاف ، وفي هذا القسم لا مجال لتوهم الاجزاء أصلا ، لأنه لم يكن هناك حكم لا ظاهري ولا واقعي ، بل كان تخيّل لثبوت الحكم.
الثاني : ان يكون المستند في فتواه الأولى حجة شرعية ، كما لو فرضنا انه ظفر على رواية معتبرة دالة على حكم شرعي وبعد الفحص لم يعثر على ما يعارضها ، فأفتى على طبقها ، ثم ظفر بعد ذلك على ما يسقطها عن الحجيّة ، كما لو فرضنا انه بعد مدّة ظفر على معارض لها بحيث سقطا معا عن الحجّية ، فرفع المجتهد يده عن فتواه الأولى من دون ان يعدل إلى ما يوافق مؤدى الحجة الثانية لسقوطها بالمعارضة والتعبير بتبدل الرّأي في الموردين غير خال عن المسامحة أيضا.
الثالث : ان يكون في فتواه الأولى مستندا إلى حجّة شرعيّة ثم عثر على حجّة