الحرج الشخصي ، ويختلف لزومه من القول بعدم الاجزاء باختلاف الأشخاص والأحوال والخصوصيات ، فأيّ حرج يلزم من عدم الاجزاء ، فيما إذا رأي المجتهد عدم جزئية السورة في الصلاة ، وعمل على طبقه يوما وليلة ، ثم انكشف له الخلاف ، وهكذا في المقلّد ، فربّ شخص ليس له شغل وهو فارغ البال يمكنه ان يعيد إعمال تمام عمره من غير ان يعسر ذلك عليه ، ثم على تقدير لزومه ، نرفع اليد عن التكاليف بمقدار يلزم منه الحرج لا أكثر ، وهذا غير مختص بموارد الاجزاء ، بل لو فرضنا انّ أحدا علم بأنّ ما صلى به في مجموع عمره كان إلى غير القبلة ، أو في حال الجنب فانه يجب عليه القضاء والإعادة حينئذ بلا كلام ، فإذا كان وجوب القضاء عليه حرجيا يرفع اليد عن ذلك لا محالة.
وتوهّم كون الميزان في الحرج هو الحرج النوعيّ مدفوع ، إذ ليس من الحرج النوعيّ أو الضرر النوعيّ وأمثاله في الأخبار عين ولا أثر ، وانما ظاهر أدلتها الحرج الشخصي ، وإلّا لكان اللازم عدم وجوب الوضوء على من لم يكن الوضوء بالقياس إليه حرجيا فيما إذا كان حرجا على نوع أهل بلده ، ولا يمكن الالتزام به.
نعم يمكن ان يكون الحرج النوعيّ حكمة وداعيا للشارع في ان يجعل الحكم بنحو العموم ، كما في جعل الشفعة أو الطهارة للحديد أو عدم إيجاب السواك ونحو ذلك ، ولكن لا ربط لذلك بالفقيه كما هو واضح.
ومنها : انه لا ترجيح للاجتهاد الثاني على الاجتهاد الأول ليستلزم تكرار ما أتى به على طبقه ، فأحدهما يكون معارضا للآخر ولا ترجيح.
وفيه : أولا : انّ لازم ذلك جواز العمل على طبق الاجتهاد السابق بالقياس إلى الأعمال اللاحقة أيضا ، ولم يقل به أحد.
وثانيا : انّ الاجتهاد الثاني يوجب زوال الاجتهاد الأول وسقوطه عن الحجّية بقاء فهو أقوى ، اما بالورود ، أو بالحكومة ، ونحو ذلك ، كما هو المفروض.