وامّا مع تلفه كما لو اشترى خبزا بالمعاطاة فأكله وبعد ذلك تبدّل رأيه بحيث لا يكون هناك أثر للقول بعدم الاجزاء إلّا الضمان.
فذكر انّ مورد الإجماع على الاجزاء انما هو الفرض الأول ، ومورد الإجماع على عدم الاجزاء هو الفرض الثاني ، والفرض الثالث لم يعلم ثبوت الإجماع فيه على أحد الطرفين ، فيجري فيه ما كان تقتضيه القاعدة من استصحاب عدم حصول النقل والانتقال ، فيحكم فيه بالضمان.
ولكن الصحيح عدم جواز التمسّك بالإجماع في شيء من هذه الموارد ، لأنّ الإجماع انما يعنى به من جهة كشفه عن قول المعصوم ، وإلّا فلا اعتبار بأقوال الاعلام ، وضم غير الحجّة إلى مثله لا يوجب الحجيّة ، فهو متقوّم بأمرين :
الأول : ثبوت الاتفاق من جميع العلماء أو من جماعة منهم يعتد بهم على اختلاف المسالك في منشأ حجيّته.
الثاني : ان لا يحتمل اعتمادهم في فتاواهم على مدرك يحتمل فساده أو يقطع بفساده ، وإلّا فلا يكون اتفاقهم كاشفا عن رأي المعصوم ، فلا يكون حجّة كما عرفت ، ومن ثم ذهب الشيخ قدسسره ومن لحقه إلى عدم تنجّس البئر مع ذهاب المشهور من القدماء بل كلّهم إلى تنجّسه بوقوع النجاسة فيه ، وليس ذلك إلّا من جهة انهم رأوا انّ اعتماد القدماء في فتاواهم انما هو على الروايات في ذلك ، فلما رأوا عدم دلالتها عليه عدلوا عما كان القدماء متّفقين عليه.
وكلا الأمرين غير ثابت في المقام.
اما الأول : فلأنّ مسألة الاجزاء في تبدل رأي المجتهد لم تكن معنونة في كلمات القدماء.
واما الثاني : فلأنّا نحتمل ان يكون مدرك القائلين بالاجزاء أو بعدمه بعض الأمور المذكورة ، فالتمسك بالإجماع في ذلك غير تام.