صومه ، أو لا يتمكن من الطهارة المائية لصلاته إلى غير ذلك.
وقبل بيان ذلك لا بدّ من تقديم مقدّمة وهي : انهم ذكروا انّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، وقد تعرضوا لذلك في موردين :
أحدهما : في علم الكلام.
وثانيهما : في مبحث اجتماع الأمر والنهي.
اما ما ذكر في علم الكلام فهو أجنبي عما نحن فيه ، لأنه انما هو في رد الأشاعرة الذين أنكروا الأفعال الممكنة بدعوى انّ الفعل ان وجدت علّته التامّة فهو ضروري الوجود ، وإلّا فهو ممتنع الثبوت ، فردهم الخواجة والعلّامة قدسسرهما بأنّ الامتناع أو الوجوب بالاختيار لا ينافي الاختيار ، بمعنى انّ الفعل وان كان بعد تعلق الإرادة به وإعمال القدرة في إيجاده يكون واجبا وإلّا فيكون ممتنعا إلّا انه حيث يكون ذلك بسبب الإرادة والاختيار فهو وجوب أو امتناع بالعرض ، فلا ينافي الاختيار.
واما ما ذكروه في مبحث اجتماع الأمر والنهي فالمراد منه انّ الامتناع الحقيقي إذا كان ليس باختيار العبد لا ينافي الاختيار فانّ من ألقى نفسه من شاهق وان امتنع عليه عدم الوقوع على الأرض حقيقة ولا معنى لتكليفه بذلك ، إلّا انّ العقاب عليه ليس بمستحيل لكون الفعل فعله اختيارا. والأقوال فيه ثلاثة ، فالمشهور على انّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا فقط ، فانّ من ألقى نفسه من الشاهق يكون تكليفه بعدم الوقوع على الأرض لغوا ، إلّا انّ العقاب عليه صحيح.
ونسب إلى أبي هاشم انه لا ينافي الاختيار خطابا وعقابا ، ولازم كلامه جواز التكليف بالجمع بين نقيضين مشروطا بإتيان عمل اختياري في الخارج كالصعود إلى السطح مثلا بان يقول إذا صعدت السطح فاجمع بين نقيضين.
ويقابله ما نسب إلى بعض من انّ الامتناع بالاختيار ينافي الاختيار عقابا وخطابا.