اختصاص ثبوت العلقة الوضعيّة بين اللفظ وذات الحروف بما إذا كان المعنى ملحوظا آلة وحالة للغير ، فالوضع يكون مشروطا.
هذا ويرد عليه : انه ما المراد من الآلية والحالية؟
أما الآلية فان كان المراد منها كون المعنى الحرفي آلة للحاظ طرفيه كالسير والبصرة في المثال المعروف ، فيستحيل ان يكون الابتداء مرآتا لما هو مباين معه ويلحظ فانيا فيه ، إذ لا مناسبة بين المتباينين ليجعل أحدهما مرآتا للآخر ، وان أريد منه آلية لحاظ الكلي للحاظ أفراده ومصاديقه ، فان الكلي كما عرفت تارة يلحظ بما هو ويحمل عليه المعقولات الثانوية ، وأخرى يلحظ مرآتا لافراده وساريا فيها ، ويحمل عليه الأحكام الثابتة للافراد فيقال «النار حارة» أو «الماء يرفع العطش» وعليه فيلزم ان تكون المعاني الاسمية حرفيا إذا لوحظت مرآتا لمصاديقها ، وفانية فيها ، ولا يمكن الالتزام بشيء من ذلك.
وأما كون المعاني الحرفية حالة للغير فالحالية هي التي تكون فارقة بين المعنى المصدري والمعنى الاسم المصدري ، فان الاعراض حيث ان وجودها لنفسها عين وجودها لموضوعاتها فيمكن لحاظها بما هي موجودات مستقلة ، ويمكن لحاظها بما هي أوصاف لغيرها ، والأول هو المعنى الاسم المصدري كالحمرة ، ولذا لا يشتق منها الأفعال ، لأنها تكون من الجوامد بهذا اللحاظ ، فلا يقال حمر يحمر. والثاني هو المصدر كالاحمرار ، وعليه فيلزم ان يكون الاعراض الملحوظة بما هي صفات للغير أي المصادر معاني حرفية ، ولذا ذهب بعض الإعظام إلى الاحتمال الثالث في المعاني الحرفية ، وذكر ان الحروف لا تكون علائم محضة ، بل لها معنى هي موضوعة لها ، وهو النسب والربط ، إذ كما تقتضي حكمة الوضع ان يوضع الألفاظ لتفهيم المعاني المستقلة كذلك تقتضي ان يوضع اللفظ لتفهيم النسب الموجودة بينها ، فان الضرب مثلا تارة ينسب إلى الفاعل ، وأخرى إلى المفعول ، وثالثة إلى الآلة ، ورابعة إلى