مفهوم الإنسان ومفهوم الحيوان ، فان العقل يرى أضيقيّة الأول عن الثاني وأكثرية أصناف الثاني عن أصناف الأول حتى مع قطع النّظر عن الوجود الخارجي فتأمّل.
فالأسماء الكلّية غالبا تكون موضوعة لهذه المفاهيم ، ومن الواضح ان لكل من هذه المفاهيم حصص وأصناف ، مثلا الإكرام تارة يكون في الليل وأخرى في النهار ، وتارة يكون بالقيام وأخرى بالضيافة أو بغيرها إلى غير ذلك بحسب اختلاف المكرم والمكرم ، وسبب الإكرام ونحوها ، وكما نحتاج في التفهيم والتفهّم إلى وضع الألفاظ لتلك المفاهيم الكلّية كذلك يحتاج إلى ألفاظ تدل على تلك الحصص ، إذ كثيرا ما يتعلّق الغرض بتفهيمها ولم يوضع للحصص لفظ مخصوص إلّا نادرا كما في القعود والجلوس ، فانهم يقولون ان الجلوس موضوع لما إذا حصلت تلك الهيئة عن قيام أي لهذه الحصة منها ، والقعود لما إذا حصلت عن اضطجاع ، وبعضهم قال بالعكس ، فالحروف غالبا موضوعة لإفادة التضييق وبيان الحصص ، مثلا لو أراد المتكلم تفهيم حصة خاصة من القيام أي القيام على قدم واحد فيقول : «قام فلان على قدم» وهكذا لو أراد بيان صوم خاص فيقول : «الصوم في يوم عاشوراء مكروه» أو «صوم العيدين حرام» وهكذا ، وعلى هذا فيكون لهذا القسم من الحروف حيثيتان ، فهي من حيث انها تكون مرحلة لتضييق المفاهيم تكون إيجادية ، وهي من حيث كونها دالة على ان المتكلم أراد تفهيم الحصة الخاصة تكون حكائية ، ونعبر عن هذا القسم اصطلاحا بالحروف الاختصاصية (١) ، وعلى هذا
__________________
(١) ذكر الأستاذ دام ظله ان الحروف المشبهة بالفعل تكون لتضييق الاخبار ، فان الاخبار قابل لأن يكون اخبارا مع التحقيق وبدونه ، والاستفهام لتضييق المعنى بكونه مورد استفهام لا غير ، وأداة الحصر لحصر المحمول في الموضوع أو العكس ، وأداة النفي لتضييق ما يستفاد من الجملة إلى النفي دون الإثبات ، إلى غير ذلك.