ينطبق ما نقل عن علي عليهالسلام في تعريف الحرف «انه ما أوجد معنى في غيره» هذا هو القسم الأول.
أما القسم الثاني من الحروف ما يكون اسما حقيقة وان كان يعامل معه معاملة الحرف فهو يكون حرفا اصطلاحا فقط ، وإلّا فمعناه مستقل اسمي ، كما انهم يعتبرون عن بعض الأسماء التي يدخل عليها خواص الاسم كالتنوين باسم الفعل لاشتماله على معنى الفعل ، وهذا القسم من الحروف كحروف التشبيه «مثل الكاف» فان معناه انما هو المثل ، أو الشبه بحسب اختلاف الموارد ، إذ التشبه لو كان بلحاظ الذاتيات يعبر بالمثل ، وان كان من حيث الصفات يعبر بالشبه.
وهذا المعنى اسمي ، ولذا لم نجد مرادفا للكاف في الفارسية ، مع انه لو كان حرفا حقيقة لكان مما يحتاج إليه في جميع اللغات.
القسم الثالث ما يكون لقلب ما يستفاد من الجملة الخبرية ـ على ما نبيّنه ـ من الإثبات إلى النفي كما في لفظ «لا» ، و «ما» ، و «لن» وأمثال ذلك ، و «ليس» وان كان فعلا وينصرف منه بعض الاشتقاقات إلّا انه أيضا معنى حرفي بهذا المعنى ، والجامع بين الجميع هو التضييق.
والحاصل : بعد ما أثبتنا ان الحروف لا تكون علامة محضة كالنصب ، ولا تكون متحدة مع الأسماء من حيث المعنى ، بل يكونا متباينين من حيث المعنى ، وأبطلنا ما ذكره المحقق النائيني من كون الحروف موضوعة لإيجاد الربط الكلامي ، وما ذكره بعض الأعاظم من كونها موضوعة للنسب الخارجية ، فثبت مدّعانا لا محالة ، وان الأسماء موضوعة للمعاني المستقلة ، والحروف لإيجاد التضييق بين تلك
__________________
ـ نعم ألفاظ النداء ليس لها معنى ، بل هي موضوعة لتوجيه المخاطب بهذا الصوت كما يتحقق ذلك في بعض الأوقات لسائر الأصوات ، فتأمّل.