وعلى هذا يتم ما يقال : من ان معاني الهيئات حرفية ، إذ على ما ذكرناه تكون الهيئة موجدة للخبر والحكاية في الخارج ، فتكون إيجادية كالحروف.
هذا في هيئة الجمل الاسمية ، وأما غيرها من الهيئات فهي كثيرة ، منها هيئة الأفعال وتوابعها من المشتقات.
وليعلم ان المشتقات تكون مشتملة على مادة مشتركة بينها وعلى هيئة ، وقد وقع الخلاف في تعيين تلك المادة المشتركة ، فذهب قدماء النحويين إلى انها هي المصدر ومتأخروهم إلى انها اسم المصدر.
ولكن التحقيق : عدم صحة ذلك لأن المادة المشتركة لا بد وان تكون موجودة في جميع المشتقات لاعتبار وجود المقسم في الأقسام ، وإلّا لخرج عن كونه مقسما ، ونحن نرى ان كل واحد من المشتقات من حيث الهيئة والمعنى يكون مشتملا على خصوصيّة لا توجد في غيره مثلا ضرب مشتمل على معنى وخصوصية لا توجد في بقية المشتقات ، فلا وجه لتوهم كونه أصلا في الكلام كما ذهب إليه الكوفيون من النحويين ، وهكذا المصدر معناه العرض الملحوظ بما انه صفة للغير واسم المصدر معناه العرض إذا لوحظ بما هو موجود خاص ، وليس هذا اللحاظ دخيلا في معاني المشتقات أصلا.
فإذا لا بد وان تكون المادة المشتركة هو نفس المعنى اللابشرط الغير المقيد بشيء حتى من حيث التقييد بعدم الاشتراط ، ويعبر عنه بالمهملة ، ومن حيث اللفظ للألفاظ المرتبة من حيث التقديم والتأخير لا غير في مثل لفظ الضاد والراء والباء في ضرب ويضرب ونظائره. هذا في مادة المشتقات.
وأما الهيئات ، فهيئة فعل الماضي موضوعة لتفهم قصد الحكاية عن تحقق المبدأ خارجا أي قبل زمان التكلّم ، وحينئذ ان كان المبدأ المشتمل عليه الفعل مسندا إلى الزمانيات فبالالتزام يدل الفعل الماضي على الزمان الماضي ، فان لازم