الربّ عنده. ومنهم من يفسّره بسكون حركة القلب فيقول : التّوكّل هو انطراح (١) القلب بين يدى الله ، كانطراح الميّت بين يدى الغاسل يقلّبه كيف يشاء ، أو ترك الاختيار والاسترسال مع مجارى الأقدار
قال سهل : التوكّل : الاسترسال مع الله على ما يريد (٢). ومنهم من يفسّره بالرّضا ، سئل يحيى بن معاذ ، متى يكون الرّجل متوكّلا؟ قال : إذا رضى بالله وكيلا. ومنهم من يفسّره بالثقة بالله والطّمأنينة إليه. وقال ابن عطاء : التوكّل : أن لا يظهر فيك (٣) انزعاج إلى الأسباب مع شدّة فاقتك إليها.
وقال ذو النّون : هو ترك (٤) تدبير النّفس ، والانخلاع من الحول والقوّة. وإنّما يقوّى العقد على التوكّل إذا علم أنّ الحقّ سبحانه يعلم ويرى ما هو فيه. وقيل : التّوكّل (٥) : التّعلّق بالله فى كلّ حال. وقيل : التوكّل : أن ترد عليك موارد الفاقات فلا تسمو إلّا إلى من له الكفايات. وقيل : نفى الشّكوك والتّفويض إلى مالك الملوك. وقال ذو النّون : خلع الأرباب ، وقطع الأسباب ، يريد قطعها من تعلّق القلب بها لا من ملابسة الجوارح لها.
ومنهم من جعله مركّبا من أمرين ، قال أبو سعيد الخرّاز (٦) : التّوكّل : اضطراب بلا سكون ، وسكون بلا اضطراب. وقال أبو تراب النخشبى
__________________
(١) يرى الغزالى أن هذه أعلى درجات التوكل.
(٢) وهو المعروف بترك التدبير كما يقول الغزالى.
(٣) فى ا ، ب : فيه والتصويب من السياق فبعدها أضاف كلمة الفاقة إلى ضمير الخطاب.
(٤) عبارة ذى النون كما فى الإحياء : خلع الأرباب وقطع الأسباب وستأتى عنه هنا.
(٥) هو قول أبى عبد الله القرشى كما فى الإحياء.
(٦) إحياء علوم الدين ٤ / ٢٢٨.