هو طرح البدن فى العبوديّة ، وتعلّق القلب بالرّبوبيّة ، والطمأنينة إلى الكفاية ، فإن أعطى شكر ، وإن منع صبر ، فجعله مركّبا من خمسة أمور : القيام بحركات العبوديّة ، وتعلّق القلب بتدبير الربّ ، وسكون إلى قضائه وقدره ، وطمأنينة بكفايته ، وشكر إذا أعطى ، وصبر إذا منع.
وقال أبو يعقوب النهرجورىّ : التوكّل (١) على الله تعالى بكمال الحقيقة وقع لإبراهيم الخليل ، فى الوقت الذى قال لجبريل عليهالسلام : «أمّا إليك فلا».
وأجمع القوم على أنّ التوكّل لا ينافى القيام بالأسباب ، بل لا يصحّ التوكّل إلا مع القيام بها ، وإلّا فهو بطالة ، وتوكّل فاسد. قال سهل : من طعن فى الحركة فقد طعن فى السنّة ، ومن طعن فى التّوكّل فقد طعن فى الإيمان (٢). فالتوكّل حال النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، والكسب سنّته ، فمن عمل على حاله فلا يتركنّ سنّته. وسئل سهل عن التّوكل فقال : قلب عاش مع الله بلا علاقة. وقيل : التوكّل : قطع العلائق ومواصلة الحقائق. وقيل : هو أن يستوى عندك الإكثار والإقلال ، وهذا من موجباته وآثاره لا أنه حقيقته. وقيل : هو ترك (٣) كلّ سبب يوصل إلى سبب حتّى يكون الحقّ تعالى هو المتولّى لذلك. وهذا صحيح من وجه باطل من وجه ، فترك الأسباب / المأمور بها قادح فى التوكّل ، وقد تولّى الحقّ إيصال العبد بها ، وأمّا ترك الأسباب المباحة فإنّ تركها لما هو
__________________
(١) فى ا ، ب : التوقع (تحريف).
(٢) عبارة الإحياء عن سهل : من طعن على التكسب فقد طعن على السنة ، ومن طعن على ترك التكسب فقد طعن على التوحيد (إحياء / ٤ : ٢٣٢).
(٣) هو قول أبى عبد الله القرشى كما فى الإحياء (٤ : ٢٢٨).