______________________________________________________
المدعي والمنكر مصب الدعوى ، لكن الظاهر خلافه ، وأن المعيار في تشخيص ذلك الغرض المقصود من الدعوى ، كما أشرنا إلى ذلك في شرح المسألة الأولى من فصل التنازع من كتاب الإجارة ، وأشار إليه المصنف (ره) في كتاب القضاء.
وقد قال في الجواهر في مسألة ما لو اختلف المتبايعان في قدر الثمن أو في قدر الأجل أو نحو ذلك ، قال ـ بعد أن ذكر اختلاف الحكم باختلاف إبراز الدعوى ـ : « قد يقال : بأن القول قول مدعي الأقل على أي حال أبرزت الدعوى إذا كان المراد إشغال الذمة بالأكثر ، ضرورة أن أقصى الاختلاف في السببين ـ أي السبب الموجب للأقل والسبب الموجب للأكثر ـ ولا ريب في موافقة الأصل للأول. ومن هنا أفتى الأصحاب من غير خلاف يعتد به في سائر المقامات حتى في الجنايات الموجبة للمال لو وقع النزاع في السبب الموجب للأقل منها أو الأكثر. فلاحظ وتأمل ، فإن ذلك هو التحقيق في المسألة ، بل هو الذي يوافق صدق المدعي عرفاً ».
والمتحصل مما ذكرناه أمور : ( الأول ) أن جامع المقاصد أرجع النزاع في جميع هذه الموارد الى النزاع في تشخيص العقد وجعله من التداعي. ( الثاني ) : أن صاحب الجواهر فصل بين أن يكون مصب الدعوى تشخيص العقد وأن يكون الزائدة والنقصان ، فعلى الأول يكون من التداعي وعلى الثاني يكون من المدعي والمنكر. وتبعه عليه المصنف (ره) هنا وفي بعض الموارد الأخرى. ( الثالث ) : أن ظاهر الأصحاب ـ هنا وفي جميع الموارد ـ أن المدار في تشخيص المدعي والمنكر الغرض المقصود ، كما اعترف به جامع المقاصد والجواهر والمصنف. ( الرابع ) : أن صاحب الجواهر قد حقق في بعض كلام له في كتاب البيع أن التحقيق ما هو ظاهر الأصحاب.