______________________________________________________
من جواز القلع.
والذي يتحصل مما ذكرنا : أنه بعد أن تبين فساد المعاملة تجري قاعدة السلطنة في حق مالك الأرض ، فتقتضي جواز إفراغ أرضه بقلع الغرس ، إذا لم يكن قلعه موجباً للضرر على صاحب الغرس ، كما إذا لم تمض مدة على نصب الغرس. أما إذا مضت مدة عليه واستقر نصبه ، وكان في قلعه فوات صفة فيه ، فقد صار قلعه موجباً للضرر على صاحبه ، فتجري قاعدة نفي الضرر ، وتمنع من قلعه ، ومن جريان قاعدة السلطنة في حق مالك الأرض ، لأنها مقدمة وحاكمة عليها. ودفع ما به تدارك الضرر لا يوجب سقوط قاعدة نفي الضرر.
نعم إذا كان بقاء الغرس في الأرض موجباً للضرر على مالك الأرض جرت قاعدة نفي الضرر في حق مالك الأرض ، فتسقط القاعدة في الطرفين للتعارض بين التطبيقين ، ويرجع إلى قاعدة السلطنة في حق مالك الأرض المقتضية الجواز القلع.
لكن لم يتضح ما يوجب ضمان مالك الأرض للصفة الحاصلة من النصب إذا كان المباشر للقلع مالك الغرس ، فإن إتلاف الصفة مستند إليه لا إلى الآمر بالقلع ، خصوصاً إذا كان فعل المباشر القلع بداعي امتثال أمر الله تعالى ، لا امتثال أمر مالك الأرض ، فإن الأمر بالإتلاف لا يوجب ضمان الآمر به. أما إذا كان المباشر للقلع هو مالك الأرض كان ضمانه للصفة التالفة في محله ، لأن تلفها بفعله. وحينئذ إذا أريد تقويم الصفة يقوم الشجر غير مستحق للبقاء ، لا مجاناً ولا بأجرة ، لأنه الحال الذي عليه الشجر حين القلع. ولا وجه لما ذكر في المسالك من تقويمه باقياً بأجرة فإن ذلك ليس من حال الشجر حين القلع. نعم يقوم مضموناً بالأرش لا مستحقاً للقلع مجاناً. فإنه غير الحال الذي عليه الشجر حين القلع فلاحظ وتأمل.