ولا دليل على عدم صحة ضمان ما لم يجب من نص أو إجماع
______________________________________________________
مورد النقض والإبرام في المقام. مع أن الظاهر من الضمان في الأعيان المضمونة كونها بنفسها في الذمة ، كما يقتضيه ظاهر دليل الضمان ، مثل : « على اليد ما أخذت حتى تؤدي » (١) فإن ظاهر العبارة المذكورة أن نفس المأخوذ ثابت في الذمة ، ولما لم يكن مانع من ذلك عقلي ولا غيره ، وجب الأخذ به. ودعوى : أن الأعيان الخارجية موجودة في الخارج ، فكيف تكون موجودة في الذمة ، لأن الواحد لا يكون في مكانين. مندفعة : بأن الخارج ظرف للوجود الحقيقي ، والذمة ظرف للوجود الاعتباري ، ولا مانع من أن يكون للشيء الواحد وجودان اعتباري وخارجي ، فالوجود الذمي نظير الوجود الذهني ، فكما أن الموجود الخارجي يجوز أن يكون له وجود ذهني يجوز أن يكون له وجود ذمي. وعلى هذا يكون الغاصب ونحوه مشغول الذمة بالعين ، فيصح الضمان عنه ، وبه تبرأ ذمته من العين ، وتشتغل بها ذمة الضامن فقط. وأما وجوب الرد فهو من أحكام عدم الاذن في الاستيلاء على العين ، فاذا حصل الاذن لم يجب الرد ولو مع الضمان. كالمقبوض بالسوم ، فإنه مضمون ولا يجب رده ما دام مشغولا بالسوم ، وإذا لم يحصل الاذن يجب الرد حتى مع عدم الضمان ، كالأمانة عند انتهاء مدة الايتمان ، فإنه يجب الرد ولا ضمان. وعلى هذا فوجوب الرد ليس معنى للضمان ، ولا من أحكامه. وأما المعنى الثاني للضمان فأشكل لأن اشتغال الذمة بالبدل على تقدير التلف حكم تعليقي ، وضمان الغاصب حكم تنجيزي ، فكيف يكون أحدهما معنى للآخر؟! ولا يبعد أن تكون العين نفسها في الذمة على تقدير التلف ، ووجوب أداء البدل من أحكام ذلك ، لا من معانيه.
__________________
(١) مستدرك الوسائل باب : ١ من كتاب الغصب حديث : ٤.