والقبولين. وعلى ما ذكروه يشترط فيها ما يشترط في العقود اللازمة ، من الموالاة بين الإيجاب والقبول ونحوها ، فلا تصح مع غيبة المحتال أو المحال عليه أو كليهما بأن أوقع الحوالة بالكتابة. ولكن الذي يقوى عندي كونها من الإيقاع [١] غاية الأمر اعتبار
______________________________________________________
القبول بأن يكون هذا العقد مركباً من إيجاب وقبولين ، وإن كان هو مقتضى ما تسمعه من دليلهم ». ويريد به دعوى الإجماع على أنها تقتضي نقل الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه ، ضرورة توقف انتقال الدين إلى ذمة الغير على رضاه.
[١] لا يخفى أن الفرق بين الإيقاع والعقد أن الأول يكفي في حصوله إعمال سلطنة سلطان واحد ، والثاني يتوقف حصوله على إعمال سلطنة سلطانين ، ولا يكفي في حصوله إعمال سلطنة واحدة. فإذا قال الإنسان لزوجته : « طلقتك » ثمَّ قال لها : « تزوجتك » فالطلاق إيقاع لأنه يكفي في حصوله إعمال سلطنة الزوج ، والتزويج عقد لأنه يتوقف حصوله على إعماله سلطنة الزوج والزوجة معاً ، فالطلاق وإن كان تصرفاً في الزوجة كالتزويج ، إلا أن الأول لما جعله الشارع الأقدس تحت سلطان الزوج فقط كان إيقاعاً ، والتزويج لما جعله الشارع تحت سلطان الزوجين معاً كان عقداً. وربما يكون إيقاعا إذا كان تحت سلطنة شخص واحد ، كما في تزويج المولى أمته من عبده ، فإنه لما لم يكن تحت سلطان كل من الزوجين وإنما هو تحت سلطان مولاهما كان إيقاعا. وهكذا فكل تصرف لا يتحقق إلا باعمال سلطنة شخصين فهو عقد ، وكل تصرف يتحقق باعمال سلطنة شخص واحد فهو إيقاع. فالاختلاف بين العقد والإيقاع ليس لاختلاف مفاهيمها المنشأة ، بل لاختلاف أحكامها من حيث السلطنة. وعلى هذا يمتنع أن تكون الحوالة إيقاعاً ، لأنها تصرف في مال المحتال الذي هو تحت