______________________________________________________
بلا حاجة إلى قبول ، لحصول الاعمال للسلطنة من جهة زيد بمجرد الأمر. وكذا إذا قال : أذنت لك في أن تبيعني فرسك ، فإنه إذا قال عمرو : بعتك فرسي ، صح من دون حاجة إلى القبول ، وكذلك الوكيل للمتعاقدين معاً ، فإنه إذا قال : بعت فرس أحدهما للآخر ، صح من دون حاجة إلى القبول ، ومالك العبد والأمة إذا أنشأ تزويج أمته من عبده صح من دون حاجة إلى قبوله ، كما أفتى بذلك جماعة.
وعلى هذا فالأمر بالزرع ليس إيجاباً ولا قبولا ، لعدم صدوره في مقام الإنشاء للمفهوم الإنشائي ، فإنه أمر بالزرع وطلب له من دون إنشاء للمزارعة ، فصحة المعاملة مع ذلك ليس لأنه إيجاب أو قبول ، بل لأنه إعمال للسلطنة. ومثله أن يقول : أذنت لك في أن تزرع الأرض بحصة كذا ، أو أذنت لك في أن تزارعني على الثلث ، فذلك بمنزلة الإيجاب ، لأنه إعمال لسلطنة صاحب الأرض الذي وظيفته الإيجاب ، إذ الاحتياج إلى الإيجاب في حصول المفهوم العقدي لأجل كونه إعمالا للسلطنة ، وهو حاصل بالأمر ، فإذا قال زيد لعمرو : تملك مالي ، فقال عمرو : تملكت مال زيد ، حصل الملك من دون حاجة الى قول زيد : قبلت.
ومن ذلك يظهر أن الاكتفاء بالأمر في الإيجاب ليس من باب استعمال الأمر في المعنى الإنشائي ، بأن يكون قوله : ازرع هذه الأرض ، مستعملا في إنشاء المزارعة مجازاً ، كي يكون من المجازات المستنكرة ، ولا من باب الكناية عن الإنشاء النفساني ، فيكون الأمر حاكياً عنه بالدلالة العقلية ، نظير حكاية تصرف من له الخيار في العين المبيعة الحاكي عن إنشاء الفسخ ، بل هو من باب إعمال السلطنة الكافي عن القبول.
وربما يكون الأمر بنفسه إنشاء على الحقيقة. بأن يكون أمراً تكوينياً لا تشريعياً ، كما إذا قال البائع للمشتري : اشتر هذا الفرس بدرهم منشئاً