______________________________________________________
ولعل مراد المستدل بالروايتين الاستدلال بهما بتوسط الأولوية ، فإنه إذا جاز الإيجاب بالمضارع جاز بالأمر بالأولوية ، كما حكي ذلك عن الإيضاح. لكن الاشكال فيه ظاهر.
وكان الاولى الاستدلال بصحيحة يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سألته عن رجل يعطي الرجل أرضه فيها ماء ( رمان خ ل ) أو نخل أو فاكهة ، ويقول : إسق هذا من الماء واعمره ولك نصف ما أخرجه الله ( عز وجل. خ ل ) قال : لا بأس » (١) بضميمة عدم القول بالفصل ، أو فهم عدم الخصوصية وإن أمكن الإشكال فيه : بأنه لم يثبت كون الأمر إنشاء للمساقاة ، بل من المحتمل ـ بل الظاهر ـ أنه من قبيل مالة.
والاولى أن يقال : إن المائز بين العقد والإيقاع أن المفهوم المنشإ إن كان متعلقاً بطرفين على وجه يكون تعلقه بكل منهما خلاف السلطنة عليه يكون عقدياً ، أو لا يكون كذلك ، فيكون إيقاعاً. مثلا تمليك مال إنسان لآخر لما كان على خلاف سلطنة المالك والتملك ـ فان خروج مال إنسان عن ملكه إلى ملك غيره خلاف سلطنة المالك على ماله ، وخلاف سلطنة المتملك على نفسه ـ ، كان التمليك مفهوماً عقدياً. وإسقاط ما في الذمة لما لم يكن خلاف سلطنة من له الذمة كان إيقاعاً ، فيجوز وقوع الثاني بلا حاجة إلى إعمال سلطنة صاحب الذمة ، ولا يجوز وقوع الأول بلا سلطنة المتملك. ومن ذلك تعرف أن إنشاء المفهوم العقدي لا يكون إلا باعمال سلطنة كل من الطرفين ، فيكون إيجاباً من طرف وقبولا من طرف آخر.
وربما يحصل بإعمال السلطنة من دون صدق القبول ، كما إذا قال زيد لعمرو : بعني فرسك ، فإنه إذا قال عمرو : بعتك الفرس ، حصل البيع
__________________
(١) الوسائل باب : ٩ من أبواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث : ٢.