والمحلّ لمّا أحلّه الله من باب ثالث ، والمحرّم لمّا حرّم الله من باب رابع ، والمؤمن بمحكمه من باب خامس ، والتسليم بمتشابهه من باب سادس ، والاتّعاظ بعظاته من باب سابع (١).
وبناء على ما نقلناه فإنّ الطبري فسّر الأحرف السبعة باللّغات السبع ، واستدلّ لما اختار وقال ما موجزه :
إنّ الامّة امرت بحفظ القرآن وقراءته وخيّرت في قراءته بأيّ الأحرف السبعة شاءت ، ثمّ إنّ الامّة ـ لعلة من العلل ـ أوجبت عليها الثبات على القراءة بحرف واحد ورفض القراءة بالأحرف الستّة الباقية.
ثمّ ذكر تلك العلّة ، وروى أنّه لمّا استشهد جمع من القراء في معركة اليمامة ، أمر أبو بكر زيد بن ثابت بكتابة القرآن ، فكتبه في قطع الأدم وكسر الأكتاف والعسب ، فلمّا توفّي أبو بكر جمعها عمر في صحيفة واحدة ، فلمّا توفّي عمر كانت تلك الصحيفة عند حفصة ، وعلى عهد عثمان أخبر حذيفة عثمان بتكفير أهل العراق أهل الشام لقراءتهم القرآن بقراءة ابيّ ، وتكفير أهل الشام أهل العراق لقراءتهم القرآن بقراءة ابن مسعود ، فأمر عثمان زيد بن ثابت بكتابة القرآن ، فنسخه في مصحف ، وعرضه فلم يجد فيه آية من القرآن فاستعرض المهاجرين والأنصار ، فلم يجدها عندهم ، وقد وجدها عند خزيمة بن ثابت فكتبها. ثمّ عرضه مرّة ثانية فلم يجد فيه آية اخرى ، فاستعرض المهاجرين والأنصار ، فلم يجدها عند أحدهم ، ووجدها أخيرا عند رجل آخر يدعى خزيمة ـ أيضا ـ فأثبتها في آخر براءة. وقال زيد : لو تمّت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة.
وفي رواية :
أنّهم عند ما كانوا ينسخون القرآن ربّما اختلفوا في آية فيذكرون الرجل قد
__________________
(١) تفسير الطبري ١ / ٢٤ ـ ٢٥.