تلقاها من رسول الله (ص) ، ولعلّه يكون غائبا في بعض البوادي ، فيكتبون ما قبل الآية وما بعدها ويدعون موضعها حتّى يجيء الرجل ، أو يرسل إليه. وأنّه لمّا فرغ زيد من نسخ المصحف ، عرضه عثمان على الصحيفة الّتي عند حفصة فلم يختلفا في شيء.
وبعد ما انتهى عثمان من ذلك ، كتب إلى أهل الأمصار :
أنّي صنعت كذا وكذا ، ومحوت ما عندي فامحوا ما عندكم.
ثمّ قال الطبري : أنّ عثمان جمعهم على قراءة واحدة خشية ارتدادهم عن الإسلام ، لتكذيبهم بعض الأحرف السبعة الّتي نزل القرآن عليها مع نهي الرسول عن التكذيب بشيء منها ، وإخباره أنّ المراء فيها كفر. فجمعهم على مصحف واحد وتلاوة حرف واحد وحرق ما عداه من المصاحف.
فتركت القراءة بالأحرف الستّة الّتي أمر بتركها حتّى درست من الامّة معرفتها ، وتتابع المسلمون على رفض قراءتها من غير جحود لصحّة شيء منها.
فلا قراءة اليوم للمسلمين إلّا بالحرف الواحد الّذي اختاره لهم إمامهم ـ عثمان ـ لأنّهم كانوا مختارين في القراءة بأيّ الأحرف السبعة شاءوا ، فإنّ أمر الرسول (ص) بقراءة السبعة أحرف كان أمر إباحة ورخصة ، ولم يكن أمر إيجاب وفرض (١).
ونقول في جواب الطبري على ما اختاره تفسيرا للأوجه السبعة والأحرف السبعة :
أوّلا ـ جواب ما اختاره في تأويل الأوجه السبعة :
إنّ الرسل ينقسمون إلى : أصحاب شرائع ناسخة للشرائع السابقة ، ومن لم
__________________
(١) تفسير الطبري ١ / ٢٠ ـ ٢٢.