من الصيد عند ما تأتيهم حيتانهم شرّعا يوم السبت وما حرّم عليهم من شرب ألبان الإبل وأكل لحومها وأمثال ذلك ، لانتفاء الحاجة إلى تقوية نفوسهم في مقابل أعدائهم في الخارج.
وفي عصر خاتم الرسل (ص) اقتضت الحكمة الرّبّانية أن لا تبقى أمّة إسرائيليّة ترى لنفسها الامتياز على كل البشر ، وبذلك تكون تلك التشريعات أغلالا في أعناقهم ، وبتلك التشريعات يصبحون غرباء في كل مجتمع انساني يعيشون فيه ، وتبقى العداوة قائمة أبد الدهر بينهم وبين المجتمعات البشريّة الّتي يعيشون فيها ، وليصبحوا أبد الدهر جزءا من كل مجتمع يعيشون فيه تنتشر بينهم المحبّة والاخوّة والمساواة ، فنسخ في الشريعة الخاتمة السبت والمناسك الخاصّة ببني إسرائيل ، وأمروا باتباع الحنيفية الّتي جاء بها خاتم الرسل (ص) كما أخبرنا سبحانه وتعالى عن ذلك وقال :
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ ...).
(الأعراف / ١٥٧) وبناء على ما ذكرنا ، فإنّ شريعة عيسى (ع) لم تغيّر من شريعة موسى (ع) عدا بعض ما احلّ لبني إسرائيل ممّا كان قد حرّم عليهم في شريعة موسى بن عمران (ع).
أمّا ما يعمله النصارى من ترك الختان واتّخاذ يوم الأحد عيدا بدلا من السبت ، خلافا لليهود ، فلم يأت بها عيسى بن مريم (ع) وانّما هي كالرهبانية الّتي ابتدعها أحبارهم ورهبانهم ، كما قال الله سبحانه :
(وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ). (الحديد / ٢٧)