(وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ ... وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ). (آل عمران / ٤٩ ، ٥٠)
وقال في سبب ما حرّم عليهم :
أ ـ في سورة النّساء / ١٦٠ :
(فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً).
ب ـ في سورة الأنعام / ١٤٦ :
(وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ... ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ ...).
إذا فإنّ عيسى بن مريم (ع) لم يغيّر من شريعة موسى (ع) عدا تحليل بعض ما حرّم على بني إسرائيل ، ولم يتغيّر ما عدا ذلك من شريعة موسى (ع) في شريعة عيسى (ع) ، وفي كلتا الشريعتين لم تنسخ لبني إسرائيل من حنيفية إبراهيم عدا استقبال الكعبة والحج وعيد الأضحى والجمعة ، وبقيت الحنيفية لمن تبعها من غير بني إسرائيل في ما عدا الصلاة إلى الكعبة الّتي جاز فيها استقبال بيت المقدس (١).
وكانت الحكمة في ما حرّم على بني إسرائيل تقوية نفوسهم الهشّة الخوّارة (٢) وتمرينا لهم على المقاومة في مشتهياتها في داخل نفوسهم والمقاومة في مقابلة الامم المعادية لها في الخارج.
ولعلّه كان ممّا أحلّ عيسى (ع) لبني إسرائيل في شريعته ما حرّم عليهم
__________________
(١) راجع تفصيل الخبر في بحثي (النسخ) و (مبلغون عن الله) من كتاب عقائد الإسلام من القرآن الكريم.
(٢) الهشّة : الهشّ من كل شيء ما فيه رخاوة ولين.
الخوّار : خار خئورا ؛ ضعف وانكسر فهو خائر وخوّار.