إضافة إلى ذلك نقول : إنّ هذا الافتراض باطل من أساسه بالأدلّة التالية :
أ ـ قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ ...) (إبراهيم / ٤).
وكان لسان قوم النبيّ لسان قريش.
ب ـ إنّ مكّة كانت امّ القرى العربية في الجزيرة العربية ، وكان لسانهم أفصح ألسنة القبائل العربية.
وفي كلّ الألسنة والأزمنة والبلاد لا يتكلّم الناس في العاصمة بلهجات أهل البوادي والأرياف والقرى النائية عن العاصمة.
وأمّا ما قيل من وجود لغات غير عربية أو ألفاظ غير قرشية في القرآن ، فنقول في الجواب :
إنّ الألفاظ تنتقل من لغة إلى اخرى في جميع الألسنة ، غير أنّ أهل اللسان الثاني يجرون عليها من النقل والإبدال ما يحوّلها إلى سنخ لغتهم.
ومثال ذلك كلمة (سجّيل) في سورة الفيل الّتي قالوا : إنّها كانت في الأصل (سنك كل) وهي كلمة فارسية ، وبعد أن جرى هذا القلب والإبدال عليها أصبحت عربية.
والدليل على ذلك أنّ أهل الفارسية لا يفهمون معنى كلمة (سجّيل) ، وأصبحت بعد القلب والإبدال كلمة عربية وقرشية ، لأنّ قبيلة قريش استعملتها.
وكذلك شأن بعض كلمات جاءت في القرآن ، قيل إنّ أصلها من لغات غير قريش من القبائل العربية ، فإنّ تلك الكلمات بعد استعمال قريش لها في محاوراتهم تصبح قرشية.
وبناء على ما قرّرنا ، ليس في القرآن كلمة غير قرشية.
وصرّح بذلك الخليفة عثمان عند ما أمر ثلاثة قرشيين وزيدا من الأنصار أن ينسخوا المصاحف (كما جاء في باب مناقب قريش ، وباب كيف نزل الوحي ،