كانت تلكم أمثلة لقواعد اللّغة العربية في الكلام الموزون وغيره.
وأمّا الكلام الموزون بصورة خاصّة ، فلم تدوّن قواعده كعلم خاص يدرس في المعاهد العلمية ، ومن مصاديق قواعد الكلام الموزون في لغة العرب الشعر الّذي اكتشف أوزانه الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت : ١٧٠ ه).
وكذلك من مصاديق الكلام الموزون في لغة العرب : السور القرآنية ، فإنّ لها أوزانا خاصّة بها لم تكتشف حتّى اليوم ، وإن كان الشعر وبعض النثر الفني موزونا في جانب اللّفظ فحسب ، فإنّ القرآن موزون في جوانب متعددة منه في لفظه ومعناه وغيرهما ، وإنّه ليس بشعر ولا نثر كما بيّناه في بحث المصطلحات في الجزء الأوّل من هذا الكتاب وسيأتي بيانه في البحوث الآتية إن شاء الله تعالى.
ويستطيع الباحث الخبير بالأدب العربي أن يدرك ذلك بأدنى تأمل لبعض السور القرآنية الصغيرة ، مثل قوله تعالى :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ).