ولهذا بنى الفقهاء نقض وضوء الملموس وعدمه على اختلاف القراءات في (لمستم) و (لامستم) ، وكذلك جواز وطء الحائض عند الانقطاع وعدمه إلى الغسل على اختلافهم في (حَتَّى يَطْهُرْنَ). وذكر القرطبي تفسير : (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) (النّساء / ٤٣) ، وقال قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وعاصم وابن عامر (لامَسْتُمُ) وقرأ حمزة والكسائي (لمستم) (١).
وقال في (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) (البقرة / ٢٢٢) : قرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير وابن عامر «يطهرن» ، وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر والمفضّل «يطّهّرن» بتشديد الطاء والهاء وفتحهما. وفي مصحف ابيّ وعبد الله «يتطهّرن». وفي مصحف أنس بن مالك «ولا تقربوا النّساء في محيضهنّ واعتزلوهنّ حتّى يتطهّرن» ورجح الطبري قراءة تشديد الطاء ، وقال : هي بمعنى يغتسلن ، لإجماع الجميع على أن حراما على الرجل أن يقرب امرأته بعد انقطاع الدّم حتى تطهر. قال : وإنما الخلاف في الطهر ما هو ؛ فقال قوم : هو الاغتسال بالماء. وقال قوم : هو وضوء كوضوء الصلاة. وقال قوم : هو غسل الفرج ؛ وذلك يحلّها لزوجها وإن لم تغتسل من الحيضة ؛ ورجّح أبو عليّ الفارسيّ قراءة تخفيف الطاء ، إذ هو ثلاثيّ مضادّ لطمث وهو ثلاثيّ (٢).
وهكذا انتشرت القراءات المختلقة بين أتباع مدرسة الخلفاء.
وقد صنّفوا كتبا كثيرة في تدوين قراءات القرّاء ، سجل منها في مادّة القراءة بكشف الظنون ١٨ كتابا ، وفي مادّة علم القراءة أكثر من عشرة ومائة كتاب (٣)
__________________
(١) تفسير الآية بتفسير القرطبي ٥ / ٢٢٣ ؛ والزركشي ١ / ٣٢٦ ؛ والإتقان ١ / ٨٤.
(٢) القرطبي بتفسير الآية ٣ / ٨٨ ـ ٨٩ ، وذكر أنّ عاصما روى عنه القولين.
(٣) كشف الظنون ٢ / ١٤٤٩ ، في مادّة كتاب القراءات ومادّة علم القراءة ، ص ١٣١٧ ـ ١٣٢٢ ، وما بعدها.