فرجعنا إلى مواريثنا) (١).
وعن ابن عباس ، قال : آخى رسول الله (ص) بين أصحابه وورث بعضهم بعضا حتّى نزلت هذه الآية : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ)(٢).
وبناء على ما ذكرنا كان حكم التوارث بالمؤاخاة مخصوصا بالمتآخين من المهاجرين والأنصار مدّة بقاء أولي أرحامهم مشركين بمكّة ، وبين الأعراب. وارتفع هذا الحكم ، ونسخ بانقضاء ذلك الزمان ودخول الناس في دين الله أفواجا ، وأصبح حكمهم في الإرث ما في كتاب الله ، أي ما كتب الله لجميع البشر ، (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ).
* * *
كذلكم شأن الأحكام الإسلاميّة في تناسبها مع فطرة الإنسان الّتي لا تبديل لها وتحقيقها لمصالحه في مختلف حالاته ، (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (الرّوم / ٣٠).
وذلكم شأن النسخ : انتهاء الحكم المتناسب مع فطرة الإنسان في وقت خاصّ بانتهاء زمانه.
يوحي الله إلى نبيّه نهاية الحكم الأوّل وبداية الحكم الثاني وفق حكمته وتحقيقا لمصالح الإنسان.
وفي ضوء ما بيّناه يتيسّر لنا ـ بحوله تعالى ـ بعد تمهيدين نذكرهما خامسا وسادسا دراسة أصناف النسخ الّتي ذكرها العلماء في ما يأتي.
__________________
(١) بتفسير الآية من الدرّ المنثور ٣ / ٢٠٧ ؛ وتفسير الطبري ١٠ / ٣٦ ـ ٣٧ ؛ وراجع تفسير الآية بتفسير ابن كثير ٢ / ٣٣٠ ـ ٣٣١.
(٢) نفس المصدر السابق.