بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ* قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ* وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ... إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ) (النّحل / ٩٨ ـ ١٠٥) إلى ما بعده.
يقول الله سبحانه : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ* إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا ... وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً) أي : بعض أحكام القرآن المذكورة في فصل أو فصول منه ، (مَكانَ آيَةٍ) أي : مكان بعض أحكام التوراة أو الإنجيل المذكورة في فصل أو فصول من أحدهما ، والله أعلم بما ينزّل ، وحكمته ، قالوا : أنت مفتر في ما أتيت به من الكتاب المجيد ، قل نزّله روح القدس من ربّك ، ليثبت به الّذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين ، ولقد نعلم أنّهم يقولون : إنّما يعلّمه بشر ـ قيل نصراني كان بمكّة ـ لسان الّذي يلحدون إليه ـ يطعنون به على القرآن ـ أعجميّ وهذا لسان عربيّ مبين (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ).
* * *
هذا التفسير لهذه المجموعة ومن ضمنها آية (بَدَّلْنا آيَةً) واضح لكلّ من له أدنى إلمام باللّغة العربية والمصطلحات الإسلامية.
ويؤكّد ما ذكرناه أربعة امور :
١ ـ بدء المجموعة بذكر القرآن.
٢ ـ إيراد الضمير المذكور في (نَزَّلَهُ) ، فإنّه لو كان القصد من (نَزَّلَهُ) : الآية من السورة لكان ينبغي أن يقول ـ عزّ اسمه ـ (نزّلها) ، أي نزّل الآية من السورة ، ولما أعاد الله ـ سبحانه ـ الضمير إلى المذكّر ، ظهر أنّ المقصود من الآية هو القرآن أو حكم في القرآن ، ولهذا أعاد الضمير إلى معنى (الآية) وهو القرآن أو الحكم المذكّر.