دراسة المحاورات الثلاث :
تدل المحاورتان الاوليان أن أهل الحل والعقد من مهاجرة قريش ، كانوا قد اتفقوا على السّعي لتولّي الحكم بعد الرسول (ص) دون بني هاشم ، ومسار السياسة القرشية بعد الرسول (ص) يدلّ على أنّه كان منهم الخلفاء الثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان وعبد الرّحمن بن عوف وأبو عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة أمّا الأربعة الأوائل فلاتفاقهم في تعيين الخلفاء الثلاثة واحدا بعد الآخر ، وأمّا الأخيران فلقول الخليفة عمر عند ما طعن :
لو كان أبو عبيدة حيّا لاستخلفته ... ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيّا لاستخلفته.
وتدل المحاورة الثالثة أن الخليفة كان مهتما بأمر تعيين الخليفة من بعده وألّا يليها أحد من بني هاشم ، وقد نفّذ رغبته ورغبة القرشيين في تعيينه كيفية عمل الشورى من بعده عند ما قال :
(... وإذا اجتمع رأي ثلاثة وثلاثة فاتّبعوا رأي عبد الرّحمن بن عوف ، وإن صفّق عبد الرّحمن بإحدى يديه على الاخرى فاتّبعوه).
وعلى هذا فقد كان عند عبد الرّحمن بن عوف كلمة السرّ في تعيين الخليفة.
وكانت كلمة السرّ شرط عبد الرّحمن في البيعة أن يعمل الخليفة بكتاب الله وسنّة رسوله (ص) وسيرة الشيخين.
وكانوا يعلمون أنّ الهاشمي الوحيد بينهم الإمام عليّا لا يوافق على البيعة بالعمل بسيرة الشيخين إلى جنب العمل بكتاب الله وسنّة رسوله (ص) ، ووقع ذلك عند ما قال الإمام عليّ في جواب عبد الرّحمن :
__________________
ـ الاولى ، ١ / ٣٠ ـ ٣٢ ، وط. أوربا ١ / ٢٧٦٨ ـ ٢٧٧٢ ، والثانية منها أيضا في تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٤ ـ ٢٥ ، واللفظ للطبري ، والثالثة في مروج الذهب للمسعودي ٢ / ٣٢١ ـ ٣٢٣.