الرجس وطهرهم تطهيرا بالحسد والغش ؛ فإن قلب رسول الله (ص) من قلوب بني هاشم.
فقال عمر : إليك عنّي يا ابن عباس.
فقلت : أفعل.
فلما ذهبت أقوم ، استحيا مني ، فقال :
يا ابن عباس مكانك! فو الله إنّي لراع لحقّك محبّ لما سرك.
فقلت : يا أمير المؤمنين! إن لي عليك حقا وعلى كل مسلم ؛ فمن حفظه فحظه أصاب ، ومن أضاعه فحظه أخطأ. ثمّ قام فمضى.
روى المسعودي محاورة ثالثة دارت بين الخليفة وابن عباس بعد موت عامل حمص حيث خاطب الخليفة ابن عباس بقوله :
يا ابن عباس! إنّ عامل حمص هلك ، وكان من أهل الخير ـ وأهل الخير قليل ـ وقد رجوت أن تكون منهم ، وفي نفسي منك شيء لم أره منك ، وأعياني ذلك ، فما رأيك في العمل؟
قال : لن أعمل حتّى تخبرني بالّذي في نفسك.
قال : وما تريد إلى ذلك؟
قال : اريده ، فإن كان شيئا أخاف منه على نفسي ، خشيت منه عليها الذي خشيت ، وإن كنت بريئا من مثله علمت أنّي لست من أهله ، فقبلت عملك هنالك ، فإنّي قلّما رأيتك طلبت شيئا إلّا عاجلته.
فقال : يا ابن عباس! إنّي خشيت أن يأتي عليّ الّذي هو آت وأنت في عملك فتقول : هلمّ إلينا ولا هلمّ إليكم دون غيركم ... الحديث (١).
__________________
(١) الاولى والثانية في ذكر سيرة عمر من حوادث سنة ٢١ ه من تاريخ الطبري ، ط. مصر ـ