إليك ؛ والله كلّ يوم هو في شأن.
فقال عبد الرّحمن : يا عليّ! لا تجعل على نفسك سبيلا ؛ فإنّي قد نظرت وشاورت الناس ؛ فإذا هم لا يعدلون بعثمان.
فخرج عليّ وهو يقول : سيبلغ الكتاب أجله.
فقال المقداد : يا عبد الرّحمن! أمّا والله لقد تركته من الّذين يقضون بالحقّ وبه يعدلون.
فقال : يا مقداد ؛ والله لقد اجتهدت للمسلمين ؛ قال : إن كنت أردت بذلك الله فأثابك الله ثواب المحسنين. فقال المقداد : ما رأيت مثل ما أوتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيّهم. إني لأعجب من قريش أنّهم تركوا رجلا ما أقول إنّ أحدا أعلم ولا أقضى منه بالعدل. أما والله لو أجد عليه أعوانا!
فقال عبد الرّحمن : يا مقداد! اتّق الله ؛ فإني خائف عليك الفتنة.
فقال رجل للمقداد : رحمك الله! من أهل هذا البيت ومن هذا الرجل؟
قال : أهل البيت بنو عبد المطلب ، والرجل عليّ بن أبي طالب.
فقال عليّ : إنّ الناس ينظرون إلى قريش ، وقريش تنظر إلى بيتها فتقول : إن ولّي عليكم بنو هاشم لم تخرج منهم أبدا ، وما كانت في غيرهم من قريش تداولتموها بينكم (١).
وروى البلاذري ـ أيضا ـ وقال :
(لمّا دفن عمر ، أمسك أصحاب الشورى وأبو طلحة يؤمّهم ، فلم يحدثوا شيئا ، فلمّا أصبحوا جعل أبو طلحة يحوشهم للمناظرة في دار المال.
__________________
(١) تاريخ الطبري ، ط. أوربا ١ / ٢٧٨٦ ـ ٢٧٨٧.