فخلا بعثمان فقال له : لنا الله عليك ، إن وليت هذا الأمر ، أن تسير فينا بكتاب الله وسنّة نبيّه وسيرة أبي بكر وعمر.
فقال : لكم أن أسير فيكم بكتاب الله وسنّة نبيّه وسيرة أبي بكر وعمر.
ثمّ خلا بعليّ فقال له مثل مقالته الاولى ، فأجابه مثل الجواب الأول.
ثمّ خلا بعثمان ، فقال له مثل المقالة الاولى ، فأجابه مثل ما كان أجابه ، ثمّ خلا بعلي فقال له مثل المقالة الاولى ، فقال : إنّ كتاب الله وسنّة نبيّه لا يحتاج معهما إلى إجّيري (١) أحد ، أنت مجتهد أن تزوي هذا الأمر عنّي.
فخلا بعثمان فأعاد عليه القول ، فأجابه بذلك الجواب ، وصفق على يده.
دراسة الأخبار السابقة :
في خبر عبد الله بن ابيّ وأبي عامر الفاسق اللّذين جاءا في المجلّد الأوّل وإن كان الدافع ممّا فعلاه الحسد على الرسول (ص) بسبب انّ الأوّل منهما كان الأوس والخزرج اتفقوا على تتويجه ملكا عليهم وبعد هجرة الرسول (ص) إلى المدينة أهمل أمره.
والثاني منهما كان ينتظر أن يكون هو النبي الّذي بشرت اليهود ببعثته ، فلما رأى أن المبعوث بالرسالة غيره ـ أيضا ـ قام بما قام به. غير أن أفراد قبائلهما الّذين التفوا حولهما كان ذلك منهم تعصبا لرئيس قبيلتهم ولم يكن له سبب آخر.
والأمر بالنسبة إلى المهاجرين من قريش أوضح فإن تعصّب الصحابي أبي بكر لرئيس من قبيلته قريش وهو كافر ، واضح لا غموض فيه.
وخبر عبد الله بن عمرو بن العاص في نهي قريش إياه أن يكتب حديث
__________________
(١) الإجّيري ـ بالكسر والتشديد ـ : العادة والطريقة.