فكتب الأمير الأموي الوليد إلى عثمان بذلك وقال : إنّه يعيبك ويطعن عليك ، فكتب إليه عثمان يأمره بإشخاصه ، فاجتمع الناس فقالوا : أقم ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه ، فقال : (إنّها ستكون امور وفتن لا احبّ أن أكون أوّل من فتحها). فردّ الناس وخرج إليه (١).
وشيّعه أهل الكوفة فأوصاهم بتقوى الله ولزوم القرآن (٢).
فقالوا له : جزيت خيرا فلقد علّمت جاهلنا ، وثبّت عالمنا ، وأقرأتنا القرآن ، وفقّهتنا في الدّين ، فنعم أخو الإسلام أنت ونعم الخليل ، ثمّ ودّعوه وانصرفوا ، وقدم ابن مسعود المدينة وعثمان يخطب على منبر رسول الله (ص) فلمّا رآه قال :
ألا انّه قد قدمت عليكم دويبة سوء من يمشي على طعامه يقيء ويسلح.
فقال ابن مسعود : لست كذلك ولكني صاحب رسول الله (ص) يوم بدر ويوم بيعة الرضوان (٣).
ونادت عائشة : «أي عثمان! أتقول هذا لصاحب رسول الله؟!».
ـ وفي رواية بعده : «فقال عثمان : اسكتي» ـ ثمّ أمر عثمان به فاخرج من المسجد اخراجا عنيفا ، وضرب به عبد الله بن زمعة الأرض ، ويقال : بل احتمله «يحموم» غلام عثمان ورجلاه تختلفان على عنقه حتى ضرب به الأرض فدقّ ضلعه.
وقام عليّ بأمر ابن مسعود حتى أتى به منزله ، فأقام ابن مسعود بالمدينة لا يأذن له عثمان في الخروج منها إلى ناحية من النواحي ، وأراد ـ حين برئ ـ
__________________
(١) الاستيعاب ، ترجمة ابن مسعود.
(٢) رجعنا إلى رواية البلاذري.
(٣) في كلامه هذا تعريض بعثمان حيث غاب عن بدر وبيعة الرضوان.