ولمّا كانت مصر (١) أشدّ على عثمان من غيره وأراد عثمان أن يخفّف من غلوائهم ، أرسل إلى رئيسهم ابن أبي حذيفة بمال في ما رواه البلاذري (٢) أيضا وقال : وبعث عثمان إلى ابن أبي حذيفة بثلاثين ألف درهم وبحمل عليه كسوة ، فأمر به فوضع في المسجد وقال : يا معشر المسلمين! ألا ترون إلى عثمان يخادعني عن ديني ويرشوني عليه!!؟ فازداد أهل مصر عيبا لعثمان وطعنا عليه واجتمعوا إلى ابن أبي حذيفة ، فرأسوه عليهم.
إنّ دراهم عثمان لم تمنع المصريين من موافاة المدينة في موعدهم مع أهل الأمصار بل خرجوا من مصر مع محمّد بن أبي بكر في ما رواه الطبري وقال (٣) :
فقدم محمّد بن أبي بكر ، وأقام محمّد بن أبي حذيفة بمصر ، فلمّا خرج المصريون خرج عبد الرّحمن بن عديس البلوي في خمسمائة وأظهروا أنّهم يريدون العمرة وخرجوا في رجب ، وبعث عبد الله بن سعد رسولا سار إحدى عشرة ليلة يخبر عثمان أن ابن عديس البلوي وأصحابه قد وجّهوا نحوه ، وأن محمّد بن أبي حذيفة شيّعهم إلى عجرود ثمّ رجع ، وأظهر محمّد أن قال خرج القوم عمّارا وقال في السرّ : خرج القوم إلى إمامهم ، فإن نزع وإلّا قتلوه ، وسار القوم المنازل لم يعدوها حتى نزلوا ذا خشب.
وقال في حديث آخر له : ثمّ إنّ عبد الله بن سعد خرج إلى عثمان في آثار المصريين وقد كان كتب إليه يستأذنه في القدوم عليه فأذن له فقدم ابن سعد حتى إذا كان بايلة بلغه أنّ المصريين قد رجعوا إلى عثمان وأنّهم قد حصروه ومحمّد بن أبي حذيفة بمصر ، فلمّا بلغ محمّدا حصر عثمان وخروج عبد الله بن سعد
__________________
(١) الطبري ٥ / ١١٤ و ١١٥ ، وط. أوربا ١ / ٢٩٨٤.
(٢) أنساب الأشراف ٥ / ٥٩.
(٣) الطبري ٥ / ١٠٩ ، وط. أوربا ١ / ٢٩٦٨.