فقالوا : والله ما نختار غيرك.
قال : فاختلفوا إليه بعد ما قتل عثمان (رض) مرارا ، ثمّ أتوه في آخر ذلك ، فقالوا له :
إنّه لا يصلح الناس إلّا بإمرة وقد طال الأمر.
فقال لهم : إنّكم قد اختلفتم إليّ وأتيتم وإنّي قائل لكم قولا إن قبلتموه قبلت امركم وإلّا فلا حاجة لي فيه.
قالوا : ما قلت قبلناه إن شاء الله. فجاء فصعد المنبر ، فاجتمع الناس إليه.
فقال : إنّي قد كنت كارها لأمركم فأبيتم إلّا أن أكون عليكم. ألا وإنّه ليس لي أمر دونكم ، ألا إنّ مفاتيح مالكم معي. ألا وإنّه ليس لي أن آخذ منه درهما دونكم. رضيتم؟
قالوا : نعم.
قال : اللهمّ اشهد عليهم. ثمّ بايعهم على ذلك.
وروى البلاذري (١) وقال :
وخرج عليّ ، فأتى منزله ، وجاء الناس كلّهم يهرعون إلى عليّ ، أصحاب النبيّ وغيرهم ، وهم يقولون : (إنّ أمير المؤمنين عليّ) حتّى دخلوا داره ، فقالوا له : نبايعك ، فمدّ يدك فإنّه لا بدّ من أمير.
فقال عليّ : ليس ذلك إليكم إنّما ذلك إلى أهل بدر ، فمن رضي به أهل بدر فهو خليفة. فلم يبق أحد من أهل بدر إلّا أتى عليّا ، فقالوا : ما نرى أحدا أحقّ بهذا الأمر منك ... فلمّا رأى عليّ ذلك صعد المنبر ، وكان أوّل من صعد إليه فبايعه طلحة بيده ، وكانت إصبع طلحة شلّاء ، فتطيّر منها عليّ. وقال : ما أخلقه أن ينكث.
__________________
(١) الأنساب ٥ / ٧٠. وقد روى الحاكم في المستدرك ٣ / ١١٤ تشاؤم عليّ من بيعة طلحة.