فبعث عليّ يزيد بن هانئ إلى الأشتر يستدعيه.
فقال الأشتر : ليست هذه الساعة الساعة الّتي ينبغي لك أن تزيلني عن موقفي ، إنّي قد رجوت أن يفتح الله لي ، فرجع يزيد فأخبره وارتفعت الأصوات وارتفع الرهج من ناحية الأشتر.
فقالوا : والله ما نراك إلّا أمرته أن يقاتل.
فقال عليّ : هل رأيتموني ساررته؟ أليس كلّمته على رءوسكم وأنتم تسمعون؟
قالوا : فابعث إليه فليأتك وإلّا والله اعتزلناك. فقال له :
ويلك يا يزيد! قل له أقبل إلي فإنّ الفتنة قد وقعت ، فأبلغه ذلك ، فقال الأشتر : ألرفع المصاحف؟
قال : نعم ، قال : والله لقد ظننت أنّها ستوقع اختلافا وفرقة ، إنّها مشورة ابن العاهر ، ألا ترى إلى الفتح؟ ألا ترى ما يلقون؟ ألا ترى ما صنع الله لنا؟ لن ينبغي أن أدع هؤلاء وأنصرف عنهم.
فقال له يزيد : أتحبّ أن تظفر وأمير المؤمنين يسلّم إلى عدوّه أو يقتل؟
قال : لا والله ، سبحان الله ، فأعلمه بقولهم ، فأقبل إليهم الأشتر ، وقال : يا أهل العراق يا أهل الذل والوهن ؛ أحين علوتم القوم وظنّوا أنّكم لهم قاهرون ، رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها وهم والله قد تركوا ما أمر الله به فيها وسنّة من انزلت عليه؟ فأمهلوني فواقا ، فإنّي قد أحسست بالفتح.
قالوا : لا.
قال : أمهلوني عدو الفرس فإني قد طمعت في النصر.
قالوا : إذا ندخل معك في خطيئتك.
قال : فخبروني عنكم متى كنتم محقين ، أحين تقاتلون وخياركم يقتلون؟