فقال الأحنف : إن أبيتم إلّا أبا موسى فأدفئوا ظهره بالرّجال ، وحضر عمرو بن العاص عند عليّ ليكتب القضية بحضوره فكتبوا :
بسم الله الرّحمن الرّحيم ، هذا ما تقاضى عليه أمير المؤمنين.
فقال عمرو : هو أميركم وأما أميرنا فلا.
فقال الأحنف : لا تمح اسم أمير المؤمنين ، فإنّي أخاف إن محوتها أن لا ترجع إليك أبدا ، لا تمحها وإن قتل الناس بعضهم بعضا ، فأبى ذلك عليّ مليّا من النهار ، ثمّ أنّ الأشعث بن قيس قال : امح هذا الاسم فمحاه.
فقال عليّ : الله أكبر ، سنّة بسنّة ، والله إنّي لكاتب رسول الله (ص) يوم الحديبية فكتب : محمّد رسول الله (ص) ، وقالوا لست برسول الله ، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك ، فأمرني رسول الله (ص) بمحوه فقلت : لا أستطيع ، فقال : أرنيه فأريته فمحاه بيده وقال انّك ستدعى إلى مثلها فتجيب.
فقال عمرو : سبحان الله أنشبّه بالكفار ونحن مؤمنون.
فقال عليّ : يا ابن النابغة ومتى لم تكن للفاسقين وليّا وللمؤمنين عدوا.
فقال عمرو : والله لا يجمع بيني وبينك مجلس بعد هذا اليوم أبدا.
فقال عليّ : إنّي لأرجو ان يطهر الله مجلسي منك ومن أشباهك ، وكتب الكتاب :
هذا ما تقاضى عليه عليّ بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان قاضى عليّ على أهل الكوفة ومن معهم وقاضى معاوية على أهل الشام ومن معهم انّنا ننزل عند حكم الله وكتابه وأن لا يجمع بيننا غيره وان كتاب الله بيننا من فاتحته إلى خاتمته نحيي ما أحيى ونميت ما أمات ، فما وجد الحكمان في كتاب الله وهما أبو موسى عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص عملا به وما لم يجداه في كتاب الله ، فالسنّة العادلة الجامعة غير المفرّقة ، وأخذ الحكمان من عليّ ومعاوية ومن